عليهم دروسا توجيهية بأقواله وأفعاله.
قال سدير الصيرفي: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز في مجلس أبي عبد الله، إذ خرج إلينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال:
يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني، فما علمت في أي بيت من الدار هي.
فهو بهذا يرد مزاعم أولئك المنحرفين عن منهج أهل البيت (عليهم السلام) ويدعون حبهم، ويزعمون أنهم يوحى إليهم، وأنهم يعلمون الغيب الذي هو لله وحده، فأوضح (عليه السلام) لجلسائه بطلان هذه المزاعم ليحملوا ذلك عنه، وينشروه في البلاد النائية، لأنه شديد الاهتمام بأمر الغلاة، وإعلان الحرب عليهم، وهم ليسوا من شيعته، وإنما هم أعداء له، يريدون الإساءة له والوقيعة في أتباعه.
وسأله رجل من جلسائه فقال: إن قوما من مواليكم يلمون بالمعاصي ويقولون: نرجو.
فقال (عليه السلام): كذبوا ليسوا لنا بموال، أولئك قوم ترجحت بهم الأماني، من رجا شيئا عمل له، ومن خاف شيئا هرب منه.
وكان (عليه السلام) يؤوي الضيف ويدعو الغرباء إلى ضيافته ويكرمهم، ومن حسن أخلاقه لا يود أن يسارع الضيف في رحلته، ويمنع خدمه من المعاونة لهم في رحلتهم، وهذا من مفاخر العرب، ولهم فيه أشعار كثيرة، وعندما يسأله ضيوفه عن سبب ذلك يقول: إنا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا.
كما إنه يبذل الطعام ويدعو إلى بذله، وسأله محمد بن قيس فقال: إني لا أتغدى ولا أتعشى إلا ومعي اثنان أو ثلاث أو أكثر. فقال (عليه السلام): فضلهم عليك أكثر من فضلك عليهم.