نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه وأصلح بيننا بأربعمائة درهم، فدفعها إلينا حتى إذا استوثق كل واحد منا صاحبه قال المفضل: أما إنها ليست من مالي، ولكن أبا عبد الله الصادق أمرني: إذا تنازع رجلان من أصحابنا أن أصلح بينهما وأفتديهما من ماله، فهذا مال أبي عبد الله الصادق.
وهكذا يكشف لنا عظيم اهتمامه بجمع الكلمة وعدم الفرقة أولا، وإنهاء الخصومات على يد من أقامه من قبله لذلك ثانيا.
لأنه (عليه السلام) منع عن المرافعة إلى حكام الجور وأمر بمقاطعتهم، وقد أقام جماعة من كبار أصحابه حكاما من قبله، ينظرون في الخصومات، ويحكمون بحكم الله عز وجل، وقد أمر الإمام الصادق بالرجوع إليهم، والمرافعة عندهم وقال:
أيما رجل كانت بينه وبين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرفعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل فيهم: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به).
وكان يعلن (عليه السلام) بأن المرافعة إلى أولئك الحكام إثم، وأن حكمهم غير نافذ، لأن الحكومة للإمام العادل بالحكم، العالم بالقضاء، كالنبي أو وصيه، وهو (عليه السلام) أحق بالحكم، فأمر بالرجوع لمن جعله من قبله للحكم بين المتنازعين.
وقد ورد عنه (عليه السلام) أنه قال:
إياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، وأيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله فقد شركه في الإثم.