لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة، وربما استوجب ذلك كلاهما.
فقال له معتب: جعلت فداك، هذا حال الظالم، فما بال المظلوم؟!
قال (عليه السلام): لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته، ولا يتغافل عن كلامه، سمعت أبي يقول: إذا تنازع اثنان فعاد أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول له: أي أخي أنا الظالم. حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه، فإن الله حكم وعدل يأخذ للمظلوم من الظالم.
وقال جابر بن عون: إن رجلا قال لجعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إن بيني وبين قوم منازعة في أمر، وإني أريد أن أتركه، فيقال لي: إن تركك له ذلة.
فقال (عليه السلام): إن الذليل هو الظالم.
حثه على صلة الرحم:
وهو (عليه السلام) يحاول أن يزيل من القلوب ضغائن الأحقاد التي تبعث على الكراهة والفرقة، وكان هو (عليه السلام) من حسن سيرته ومكارم أخلاقه يصل من قطعه، ويعفو عمن أساء إليه، كما ورد أنه وقع بينه وبين عبد الله بن الحسن كلام، فأغلظ عبد الله في القول، ثم افترقا وذهبا إلى المسجد، فالتقيا على الباب، فقال الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن الحسن: كيف أمسيت يا أبا محمد؟
فقال عبد الله: بخير - كما يقول المغضب -.
قال الصادق (عليه السلام): يا أبا محمد، أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب؟
ثم تلي قوله تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).