فإن قلت: إنه لا ريب أن كل واحد من المعصومين من النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده من الأوصياء عليهم السلام كان مبينا للأحكام، ومنها المندوبات، وإثباتها إنما هو بصيغة الأمر، فثبت بذلك تحقق شيوع استعمالها في الندب بالنسبة إلى مجموع استعمالات عدة منهم كالنبي صلى الله عليه وآله وعلي، والحسن، والحسين عليهم السلام إن سلم عدم ثبوته بمجموع استعمالات واحد منهم.
قلنا: أولا - إن كون كل واحد منهم عليهم السلام مبينا لجميع الأحكام ممنوع، بل بعضهم لم يبينها للناس أصلا لخوف التقية [1] بحيث لم يقدر على إظهار إمامته كالسجاد عليه السلام، والآخرون لم يبين كل واحد جميعها، بل بعضها.
وثانيا - لو سلمنا كون كل واحد مبينا للأحكام التي منها المندوبات نمنع بيان المندوبات بأسرها بصيغة الأمر، بل بعضها بها، وبعضها بلفظ (ينبغي، ويستحب، ويندب إليه) وأمثالها، كما يظهر للمتتبع في الأخبار، فراجع وتدبر.
وكيف كان، فلا ينبغي الارتياب في عدم تحقق الشيوع الموجب للإجمال بكلا قسميه.
ومما يكشف عن ذلك أنه لم يتوقف أحد من الصحابة - على ما يظهر من حالهم، وكذا العلماء خلفا عن سلف - في التمسك على وجوب شيء بأمر مطلق مجرد عن القرينة ورد على ذلك الشيء.
ويشهد لذلك () دعوى السيد المرتضى () - قدس سره - اتفاق الإمامية