أعمية الغرض بالنسبة إلى صدورها من الغير أو من غير اختيار المكلف كما مر في المقدمة المحرمة، أو لا؟.
لا شبهة في عدم جواز التمسك بإطلاقها على أعمية كونها غرضا بالنسبة إلى فعل الغير، فإنها وإن كانت صادقة على فعل الغير أيضا إلا أن ظاهر الأمر كون الغرض صدورها من خصوص المأمور، فإن ظاهره هو الطلب منه نفسه، بحيث يرجع عند العقل إلى تقييد المادة.
وبعبارة أخرى: إنه بحسب القواعد اللفظية وإن كان المأمور به مطلقا إلا أنه بعد ملاحظة طلبه من هذا المكلف الخاص على ما هو ظاهر الأمر يكون () المطلوب والمقصود بالدقة العقلية هو الفعل المقيد بصدوره من ذلك المكلف الخاص.
وأما بالنسبة إلى فعل نفس المأمور إذا صدر من غير اختياره فالأولى التفصيل بين مراتب الصدور من غير اختيار بجواز التمسك في بعضها دون أخرى.
بيان ذلك: أن الفعل الغير الاختياري قد يصدر منه على وجه يكون هو بمنزلة الآلة، كما إذا كان نائما - مثلا - فأخذ بيده () أحد فضرب بها آخر، وقد يصدر منه على وجه المباشرة، لكنه غير ملتفت إلى عنوان الفعل ولا إلى أصله ولا إلى مورده، كما إذا كان نائما أو مغمى عليه، فحرك يده فضرب بها آخر، وقد يصدر منه على وجه المباشرة مع قصده والتفاته إلى أصل الفعل وعنوانه، مع عدم قصده إلى مورده كأن قصد المأمور بضرب زيد ضرب شخص خاص معتقدا بأنه عمرو، فضربه وبان كونه زيدا.