لا إشكال في صدق المادة على هذه الأفعال الغير الاختيارية في جميع تلك المراتب، لكن الظاهر انصرافها في ضمن هيئات الأفعال إلى غير الصادر منها في المرتبة الأولى، فإنه يصدق فيها أنه لم يضرب، وإنما ضرب الذي أخذ يده () وضرب بها آخر، فحينئذ إذا كان مأمورا بضرب ذلك المضروب لم يكن ذلك مسقطا للأمر عنه، فإن ظاهر (اضرب) - مثلا - هو طلب الضرب منه على وجه المباشرة، فيكون الحكم في تلك المرتبة كما في فعل الغير.
وبالجملة: المادة في ضمن هيئة الأمر منصرفة إلى ما ينصرف إليه في ضمن هيئتي الماضي والمضارع، فيكون المطلوب والمقصود هو هذا المعنى المنصرفة إليه المادة، فلا بد في سقوط الغرض من إحراز صدق انتساب المادة إلى هذا الشخص المأمور بصيغة الماضي - مثلا -، بأن يصدق على الفعل الصادر منه أنه فعله حتى يكون آتيا بالغرض من امر (افعل)، ولا ريب أنه لا يصدق في الصورة المذكورة أنه ضرب فلانا، وإنما يصدق ذلك بالنسبة إلى الآخذ بيده الضارب بها ذلك الشخص الثالث.
وبعبارة أخرى: إن ظاهر الأمر طلب الفعل من المأمور نفسه على وجه يكون هو الموقع إياه والموجد له، فيكون الغرض بظاهر الأمر هو الفعل الصادر من نفسه على وجه يصدق عليه أنه أوقعه وأوجده، وهذا المعنى لا يصدق في الصورة المذكورة على فعل النائم المذكور.
هذا في المرتبة الأولى.
وأما في سائر المراتب فلا يبعد دعوى هذا الانصراف في غير الأخيرتين منها، وأما فيهما فلا يبعد دعوى صدق الانتساب على الوجه المذكور، فيمكن التمسك بإطلاق المادة فيهما على إطلاق الغرض بالنسبة إليهما لصلاحية تقيدها