ليس هي من حيث هي مؤثرة في وجوده أصلا، ولا ريب أن المقيدات وإن كانت مركبة عقلا وفي ظرف الذهن إلا أنها في الخارج بسيطة البتة، وليس لها فيه جزء حتى يكون الأمر بها أمرا به من باب المقدمة، فالمقدمة الموصلة ليس لها جزءان في الخارج حتى ينقل الكلام إليهما، بل هي أمر بسيط في الخارج، فعلى هذا فلا وجه للإيراد المذكور على تقدير اعتبار صفة الإيصال في موضوع الأمر المقدمي أيضا، فافهم.
أقول: لا يخفى أن الجواب عن الإيراد بجعل الوصف معرفا غير مجد للمفصل، فإنه جعله قيدا في موضوع الأمر المقدمي الغيري، كما ينادي به تعريفه الواجب الغيري: بأنه ما يكون الحامل على إيجابه التوصل إلى الغير، ويكون التوصل مأخوذا في موضوعه، بمعنى أن الواجب هو المقدمة بهذا الوصف، وبهذا فرق بينه وبين الواجب النفسي، وقال: إن الواجب النفسي ما لا يكون الحامل على الإيجاب - وهو التوصل إلى الغير - مأخوذا في موضوع الأمر.
وكذا كلامه الآخر في طي احتجاجه على ما صار إليه: وهو أن وجود ذي المقدمة بعدها شرط الوجود للمقدمة، لا شرط الوجوب، إذ لا ريب أن الوصف المعرف لا دخل له في وجود شيء أصلا وإن كان لا ينفك عنه، فحينئذ يتجه عليه أيضا ما ذكرنا من عدم معقولية اعتبار ذلك الوصف لكونه منتزعا من وجود ذي المقدمة، ولا مدفع عنه أصلا على فرض دفع الإيراد المتقدم بالوجه الثاني من الدفع، فتدبر [1].