مع أنه في نفسه غير معقول أيضا، فإن وصف الإيصال ليس كسائر الأوصاف الصالحة لاعتبارها في موضوع الحكم كما هو الحال في الرقبة المؤمنة، ضرورة أنه وصف منتزع عن تعقب ذي المقدمة ووجوده بعد تلك المقدمة، فلو اعتبر في موضوع الوجوب المقدمي لكان مستلزما لتعلق الأمر المقدمي الغيري بنفس الواجب النفسي أيضا، مع كون ذلك الوجوب الغيري ناشئا من الأمر النفسي المتعلق بذلك الواجب، فيكون الواجب النفسي واجبا من باب المقدمة لنفسه أيضا، وهو غير معقول.
بيان الملازمة: أن الأمر بالمقيد أمر بكل واحد من جزأيه، حيث إنه مركب منهما، ولا يحصل إلا بهما، فيجب تحصيل القيد أيضا من باب المقدمة، كوجوب تحصيل ذات المقيد كذلك، وذلك القيد إذا كان من الأمور المتأصلة فلا إشكال، وإن كان من الأمور المنتزعة فيرجع وجوب إيجاده إلى وجوب إيجاد منشأ الانتزاع في الحقيقة، إذ لا حقيقة للأمر الانتزاعي حتى يكون الواجب هو في الحقيقة، فإذا بنينا على اعتبار وصف الإيصال في موضوع الوجوب المقدمي مع أنه وصف منتزع من وجود ذي المقدمة الذي هو الواجب النفسي، فيرجع الأمر بالأخرة إلى وجوب ذلك الواجب النفسي بالوجوب الغيري من باب المقدمة لنفسه.
هذا مضافا إلى أن الأمر المقدمي لا يتعلق بالأجزاء العقلية، بل إنما هو متعلق بالأجزاء الخارجية، وذلك لأن المقدمة حقيقة إنما هي الأشخاص، لأنها مما يتوقف عليه وجود الواجب لا المفاهيم الكلية، إذ لا توقف له عليها أصلا، إذ