وعلى الأول: فإما أن يكون ذلك الأمر موردا لأمره وطلبه مطلقا، أو على تقدير خاص، وذلك التقدير الخاص قد يكون من الأمور الاختيارية للمكلف كما في قولك: إن دخلت الدار فافعل كذا، وقد يكون من الأمور الاضطرارية كالزمان ونحوه. لا إشكال فيما إذا كان مطلوبا مطلقا.
وأما إذا كان مقيدا بتقدير خاص: فإن كان ذلك التقدير من الأمور الاختيارية للمكلف فيعقل فيه الوجهان من رجوع القيد تارة إلى المطلوب، وأخرى إلى الطلب، حيث إن الطلب قد يتعلق بالفعل والقيد كليهما معا بحيث يكون متعلقه هو المجموع منهما، فحينئذ يصير الواجب مطلقا، فيجب تحصيل الخصوصية، وهي القيد، وقد يتعلق بالفعل على تقدير حصول القيد وصدوره من المكلف، فيكون مشروطا، فلا يجب فيه تحصيل الخصوصية، فيكون مرجع القيد في الأول إلى المطلوب وفي الثاني إلى الطلب.
وأما إن كان من الأمور الاضطرارية فلا يعقل فيه الوجهان، ضرورة أنه لا يمكن تعلق الطلب بتلك الخصوصية أيضا حتى يتصور فيه القسم الأول من الفرض، بل يتوقف تعلقه على حصول تلك الخصوصية، فيكون مشروطا لا غير.
وما نحن فيه من هذا القبيل كما لا يخفى.
وكيف كان، فرجوع القيد تارة إلى الفعل، وأخرى إلى الطلب، والحكم بحسب القواعد العربية مما لا يجدي نفعا بعد اتحاد المناط في هذه المسألة العقلية.
وحاصل هذا الوجه: إنكار الواجب المشروط بالنسبة إلى الأمور الاضطرارية التي منها الزمان.
الثالث - أنه لا يتعقل رجوع القيد إلى الطلب لأنه ليس إلا البعث والتحريك باللفظ، وهو حاصل في المطلق والمشروط كليهما من أول الأمر، ولا يعقل التعليق فيه، لأنه من تعليق الشيء بعد وجوده، فلا بد من إرجاعه إلى المطلوب فيما يكون الظاهر من الدليل اللفظي رجوعه إلى الطلب.