أن الله تعالى لا يريد أن يضيق على عباده ويعسر عليهم الأمر، ولا أن يجعل عليهم في الدين من حرج، أو يكلفهم بما ليس في وسعهم وطاقتهم، بل الله تعالى خلق لهم جميع النعم الدنيوية حتى يتمتعوا بها حسب الشروط الشرعية، ويستديموا بها حياتهم، ليتمكنوا من الوصول إلى الكمال الانساني العالي اللائق بحالهم، الذي لأجله خلق الانسان، وهي العبودية عن معرفة.
وعلى هذا، لو كان ادخار زائد الطعام والشراب وكذا حلو العيش وحموضتها مانعا عن الاشتغال بأصل الغرض من الخلقة - كما أن الامر يكون كذلك غالبا -، لزم الاكتفاء من الدنيا وما يحتاج إليه، بحد الاعتدال ورعاية الاقتصاد في كل أمر من الأمور، نعم، لو اقتضى رضى الرحمن وطاعته تعالى عدم ادخار شئ من الطعام والشراب واللباس وغيرها من متاع الدنيا وايثار الغير بها - كما قد يتفق ذلك في بعض الأزمنة والأمكنة -، فاللازم حينئذ متابعة مقتضى الوظيفة الشرعية.
وقد مر في ذيل كلامه عز وجل: (ولا تدخر شيئا لغد.) بيان آخر بهذا المضمون، فراجع.