وقد اعتنى بهذا الحديث الشريف وبيان فقراته، الأكابر من أهل العلم والمعرفة والكمال، كالعارف بالله آية الله الحاج ميرزا جواد الملكي رحمه الله في كتبه الأخلاقية بذكر بعض جملاته والاستشهاد بها، والعارف الكامل الأستاذ الأعظم آية الله العلامة الطباطبائي صاحب تفسير (الميزان) رضوان الله تعالى عليه في جلساته الأخلاقية، حيث قرأ لنا الحديث من بدوه إلى ختمه دورا كاملا مع بيانات مفيدة في ذيل فقراتها، كما ذكر مواضع عديدة منه في مذكراته مع الدكتور كرين الفرنسي التي اختصت بها إحدى مجلات (مكتب التشيع). وقد كان رضوان الله تعالى عليه يتشهد بجملات الحديث في جلساته الأخلاقية الخاصة أيضا.
هذا كله، مضافا إلى انطباق متنه مع الكتاب والسنة. فكل من نظر إلى ما ذكرناه من الآيات والروايات في ذيل جملاته شرحا لها، لا يبقى له ريب في صحة متنه.
وقد كنت أستأنس من سالف الزمان بهذا الحديث الشريف وكان لنا مع بعض الأحبة مذاكرات حوله، إلى أن وفقني الله تعالى في شوال سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة بعد الألف من الهجرة النبوية (1398 ه. ق) على هاجرها أفضل التحية والسلام، لشرح فقراته وتوضيح جملاته وبيان معضلاته، بعون من الله وهدايته، فأصبح بحمد الله ومنته كما ترون، شرحا وافيا خاليا عن الاطناب الممل والايجاز المخل وسميته (سر الاسراء في شرح حديث المعراج)، عسى أن ينفعني الله سبحانه به وسائر إخواننا المؤمنين، ذوي البصائر واليقين، ويكون هذا الكتاب أساسا ومحورا للأخلاق ودراسة المعارف الاسلامية في الحوزات العلمية والجامعات، كي يظهر للطالبين بعض ما خفي عليهم من حقائق الاسلام ولطائفه، وينكشف للسالكين من أسرار معارفه، فينظروا إلى الدين بنظر الاعتبار، لا المهانة والانهمار.
ولنا في رسائلنا الاخر توجيهات وبيانات أيضا حول الحقائق الاسلامية والمعارف الإلهية، يرجى أن يكون سببا لهداية المؤمنين في الفترة، ومقدمة لأهل التحقيق والدقة، وباعث خير لسلوك طريق العبودية الحقة والمعرفة الربانية المحضة.