العظيمة، بعبارات مختلفة في الكتاب والسنة، كما عبر عنها في هذه الفقرة من الحديث بقوله عز وجل: (إن في الجنة قصرا الخ.) وبعبارة أخرى: إن الله سبحانه خلق العوالم المجردة والمادية والدنيا والآخرة حين خلقها ولم يكن في معزل عنها، ناظرا إليها ومتفرجا بها، إذ هذا مما ينفيه الكتاب والسنة والعقل، بل هو سبحانه خلق كل واحد من المخلوقات بظهور أسمائه الحسنى وصفاته العليا، بحيث لا يفارقها الذات المتعالية أبدا، فهو تعالى مع كل شئ، كما قال سيد الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام: (داخل في الأشياء لا كشئ داخل في شئ، وخارج من الأشياء لا كشئ خارج من شئ.) (1)، فملأت أركان كل شئ، أسمائه، وأحاط بكل شئ علمه، ولا يفارق الأسماء والصفات ذاته تعالى، فالأشياء كلها مظاهر أسمائه وصفاته، وهذه المظاهر محبوبة ومطلوبة للانسان، بما أن كلا منها من تجليات الحق سبحانه، وإذا كانت هذه حال المظاهر، فكيف بالمظهر (بكسر الهاء)؟ وهو الله تعالى، فإنه أولى بالطلب والحب. فما يلتذ به الخواص في الجنة ليس منحصرا في الالتذاذ بالمظاهر، بل يرون المظهر مع المظاهر بعين القلب، كما قال الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة) (2) ولعل الآيات والروايات السابقة مشيرة إلى مثل هذه النعمة العظيمة. والله أعلم.
(١٨٩)