٦ - قال أمير المؤمنين عليه السلام: (واعلموا أن من يتق الله، يجعل له مخرجا من الفتن، ونورا من الظلم، ويخلده فيما اشتهت نفسه، وينزله منزل الكرامة عنده في دار اصطنعها لنفسه، ظلها عرشه، ونورها بهجته، وزوارها ملائكته، ورفقاؤها رسله، ثم قال عليه السلام: (فبادروا بأعمالكم، تكونوا مع جيران الله.) (١) الخبر أقول: إن لله تعالى في باطن نعم الجنة الظاهرية نعما باطنية من التجليات الذاتية والاسمائية والصفاتية. فقد يعبر عن تلك النعم الباطنية باللقاء، وقد يعبر عنها بالتكلم، وتارة بالنظر، وأخرى بالرزق المعلوم، أو الجنتين، أو النعيم، أو الملك الكبير، أو الشراب الطهور، أو بالزورة والزيارة كل جمعة، أو بالتجلي، أو بالفردوس الذي أعلى درجات الجنة ويتشعب منها أنهار الجنة الأربعة، وغيرها من العبارات، ولكن هذه التعابير على اختلافها، كلها تشير إلى حقيقة واحدة، وهي التجليات الذاتية والاسمائية والصفاتية من الله تعالى لخاصة أوليائه.
فإن الله سبحانه مع الأشياء كلها ومحيط بها وليس هو تعالى من دونها ومن ورائها بل يتجلى بها ويظهر فيها، نص على ذلك الكتاب والسنة.
قال الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة﴾ (2) وقال سيد الموحدين عليه السلام: (لم تره العيون بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان.) (3) فما يحصل لبعض العباد، هي مشاهدة تلك التجليات الذاتية والاسمائية والصفاتية بعين القلب والبصيرة في هذا العالم أو العالم الآخر، بحيث يرونه تعالى متجليا مع كل شئ ونعمة.
فهذه الفقرة من الحديث وما أوردنا ذيلها من الآيات والروايات مشيرة إلى هذه