الأفكار يأوون، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون.) (1) (و): إلهي!... وما أعذب شرب قربك! فأعذنا من طردك وإبعادك.) (2) أقول: فيما ذكرناه من الآيات والأدعية وما تشابهها دلالة واضحة على أن هنا أمرين:
أحدهما: قربه تعالى بالأشياء كلها ومنها الانسان والمجردات. ويعبر عن هذا الامر ب (القرب الذاتي) كما أشار إلى ذلك صنف من الآيات والروايات.
وثانيهما، أن هذا الامر الواقعي، أعني قربه تعالى من الأشياء يكون مشاهدا لمن خرج عن الأنانية والتوجه إلى النفس. ويعبر عن ذلك ب (القرب الشهودي) وهذه المنزلة الرفيعة لا تحصل إلا لقليل ممن سلك طريق العبودية الحقيقية، وعرف أن الممكنات بأجمعها فقر محض في قبال الحق تعالى. وإن شئت فقل: إن بالوصول إلى العبودية الحقيقية يحصل للعبد شهود حقيقة التوحيد بجميع مراتبه الأفعالي والصفاتي والأسمائي والذاتي في جميع مظاهر الوجود، كما مرت إليه الإشارة في البحث المتقدم حول الفناء. يأتي في ذيل كلامه عز وجل: (والتقرب إلي.) (3) آيات وأحاديث وبيان منا ما توضح معنى التقرب إلى الله سبحانه، فلاحظها.