أقول: يستفاد من مجموع الآيات والأحاديث الواردة في شرح هذه الجملة من الحديث وجملات أخرى منه، وهي جملة (وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل.)، وجملة (ويطيل قياما.)، مطلوبية التهجد وقيام الليل بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والسجدة، لما فيها من النتائج المعنوية، ويستفاد منها أيضا حد قيام الليل كما وكيفا.
ومن جملة ما يدل على فضل صلاة الليل وعظيم منزلتها، قوله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، جزاء بما كانوا يعملون) وما ورد عن أبي عبد الله عليه السلام في ذيلها، حيث استشهد الإمام عليه السلام بها على أن ثواب الصلاة في الليل لم يبين، لعظيم خطرها عند الله تعالى، مع أن الله تعالى بين في آية الاسراء أن المترتب على التهجد في الليل هو الوصول إلى المقام المحمود. فيستفاد منهما أن جزاء الصلاة في الليل، وان هو الوصول إلى المقام المحمود، إلا أن ذلك منزلة رفيعة ودرجة عالية، والبشر بحجابه البشري، لا يتمكن من ادراكها إلا بالوصول إليها، إذ هي درجة لا سبيل للحس والعقل إلى إدراكها، وانما تشاهد بالقلب.
واما الكلام في فضل الجوع والصوم وما يترتب عليهما من الثواب والآثار والنتائج الدنيوية والأخروية، فيأتي في ذيل كلامه عز وجل في هذا الحديث: (ويكون قرة عينه الجوع.) (1)، وقوله عز وجل: (أول العبادة، الصمت والصوم.) (2)، آيات وروايات تدل على فضلهما، ويظهر بها أيضا معنى جملة أخرى من الحديث، وهو قوله عز وجل:
(وطعامك الجوع.)