كما ذكره أهل اللغة. وإذا كان الأمر كذلك ثبتت له الإمامة بعد النبي عليه السلام بلا فصل، لأنه صديق ملازم للصدق كما نقله الفريقان وفسره أهل اللغة، بقوله الصادق وقسمه بالله تعالى:
(وأيم الله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير) إلى آخر الخطبة المعروفة بالشقشقية (1).
إلى غير ذلك مما يلوح به تارة ويصرح به أخرى: بأنه أحق بالأمر ممن تقدم عليه، وأن من تقدم عليه يعلم بأن عليا عليه السلام أحق بالمقام منه، فوجب الانقياد وقسمة النار، حيث إنه ملازم للصدق مجانب للكذب، على ما صح بالدليل القاهر من أخبار الفريقين وتفسير أئمة أهل اللغة.
وفي ذلك دليل واضح وزناد قادح وعلم لائح على استحقاق الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل.
فإن قيل: إن القطب لا يستقل بنفسه ولا بد في تمامه من الرحى.
فالجواب: إن القطب أشد استقلالا بنفسه من باقي الرحى، لأنه يمكن أن يتحرك ويدور من غير أن يتصل به شئ، وباقي الرحى لا يمكن حركته على سبيل الدور إلا بقطب.
مع أنه عليه السلام ما أراد بقوله ذلك إلا أنه أهل الاستحقاق والتفرد وبالخلافة، لأن القائل إذا قال (أنا محل القطب من الرحى) يقتضي ظاهره أن غيره لا يقوم مقامه، كما أن غير القطب لا يقوم مقام القطب، ولا يفهم