وهذه ليلة المبيت لو وزن [عمل] علي فيها بأعمال الخلائق لرجح عمل علي على أعمال الخلائق، لأنها سبب نجاة رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظ دمه، وبقاء نفسه الشريفة الطاهرة حتى صدع بأمر ربه.
ولولا أمير المؤمنين عليه السلام لما تم لنبي الله صلى الله عليه وآله التبليغ والأداء، ولا استدام له العمر والبقاء، ولظفر به الحسدة والأعداء.
فكل خير أتى ذلك فسببه مبيته عليه السلام.
فلما أصبح القوم وأرادوا الفتك ثار إليهم، فتفرقوا عنه حين عرفوه وانصرفوا، وقد بطلت حيلتهم وانتقض ما بنوه من التدبير، ثم إنهم سألوه عن النبي: أين هو؟ قال في حفظ الله.
وفي كتاب نخب المناقب تصنيف جدي رحمه الله قال: قال: لا أدري، أو رقيب كنت عليه! أمرتموه بالخروج فخرج.
ثم أقام ثلاثة أيام بمكة يجهز عيال رسول الله صلى الله عليه وآله ويرد ودائعه ويسد مسده، وكان رسول الله عليه السلام قد استخلفه لرد الودائع، فلما أداها أقام على الكعبة ثلاثة أيام ونادى بصوت رفيع: يا أيها الناس هل من صاحب أمانة، هل من صاحب وديعة هل من صاحب عدة قبل رسول الله؟ كل ذلك بقلب راسخ ورأي شامخ، وله من العمر يومئذ خمس وعشرون سنة.
وأقام بمكة وحده مراغما لأهلها حتى أدى إلى كل ذي حق حقه، و جهز عيال رسول الله صلى الله عليه وآله، مع عظم جنايته على الكفار وأنه فوتهم غرضهم من رسول الله، ومعلوم أن من فوت أحد غرضه ازداد عليه حنقا وبغضا، لا سيما قد فوتهم شيئا عظيما. وهو مع ذلك ظاهر بينهم