الأول يتفقد أصحابه رجلا رجلا، ثم رمى بطرفه إلى الصف الثاني، ثم رمى بطرفه إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلا رجلا، ثم كثرت الصفوف على رسول الله، ثم قال: ما لي لا أرى ابن عمي علي بن أبي طالب؟ [يا بن عمي]. فأجابه علي من آخر الصفوف وهو يقول: لبيك لبيك يا رسول الله.
فنادى النبي بأعلى صوته: يا علي أدن مني.
فجعل علي يتخطى رقاب المهاجرين (1) والأنصار حتى دنا المرتضى من المصطفى، فقال [له] النبي صلى الله عليه وآله: ما الذي خلفك عن الصف الأول؟ قال: شككت أني على غير طهر، فأتيت منزل فاطمة فناديت: يا حسن يا حسين يا فضة. فلم يجبني أحد، وإذا هاتف من ورائي (2) وهو ينادي: يا أبا الحسن يا بن عم النبي [التفت]. فالتفت فإذا أنا بسطل من ذهب وفيه ماء وعليه منديل، فأخذت المنديل ووضعت على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء، فإذا الماء يفيض على كفي، فتطهرت وأسبغت الطهر، ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك، ثم التفت ولا أدري من أخذه (3).
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله في وجهه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، ثم قال: يا أبا الحسن ألا أبشرك أن السطل من الجنة والماء والمنديل من الفردوس الأعلى، والذي هيأك للصلاة جبريل، والذي مندلك ميكائيل، والذي نفس محمد بيده ما زال إسرافيل قابضا بيده على