الكتب المذكورة تنطق بأن خليفة النبيين لا بد وأن يكون أعلم الرعية، إن هذا الخليفة أسدهم رأيا وحكمة فهما وأعلاهم حسبا وأزهدهم في الدنيا وأشدهم تركا لها.
أما التوراة قد ذكر ذلك في الجزء الخامس من السفر الثاني وفي الجزء الأول من السفر الخامس.
وربما أن الحبر استدل بهذه الآثار التي في الكتب المتقدمة.
وإذا كانت الكتب السالفة وأخبار الفريقين تنطق عن نبي الهدى أنه يجب أن يكون الوصي أعلم الأمة، وقد تقدم في صدر الفصل السابع عن أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله قال لسلمان: فهل تدري لم أوصى إليه - يعني به لم أوصى موسى إلى يوشع؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال:
أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده.
فقد ظهر من علي بن أبي طالب عليه السلام أنه أعلم أنه أعلم الرعية، فيجب أن يكون الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بما نطقت به الكتب السالفة والأخبار الواردة من الطرق المختلفة، ويجب انتفاؤها عن أبي بكر لانتفاء العلوم عنه.
وقد روى عن أبي بكر أنه حفظ سورة البقرة في سبعة عشر سنة ونحر جزورا للوليمة عند فراغها.
وفي علوم أمير المؤمنين قال ابن العودي رحمه الله (1):
ومن ذا يساميه (2) بمجد ولم يزل * يقول سلوني ما يحل ويحرم