وقد قال الله تعالى حاكيا عن شعيب وهو دونه عليه السلام * (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) * (1).
فكيف يأمر نبينا عليه السلام بالوصية في الشئ اليسير ويتركها في الشئ الكثير والجم الغفير، ولزوم الوصية في حقه أوكد وأوجب، لأنه سيدهم ونبيهم والآمر بها.
والأمر عند بعضهم يقتضي الوجوب، وقال آخرون مطلق الأمر إذا كان من حكيم اقتضى كون المأمون به مندوبا إليه وإنما يعلم الوجوب بدلالة زائدة. وذهب آخرون بوجوب التوقف في مطلب الأمر بين الإيجاب والندب، والرجوع إلى كل واحد منهما بدلالة على على الظاهر، فإنه كان تركه قبيحا فهو واجب وإن كان تركه ليس بقبيح فهو ندب، والذم حاصل في تركهما.
قال النبي صلى الله عليه وآله: من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية.
وهذا ذم وإن شئت تكفير، فوجبت الوصية على الأقوال الثلاثة.
روى مسلم في صحيحه في الجزء الثالث من أجزاء ستة في الثلث الأخير منه في كتاب الفرائض بإسناده إلى ابن شهاب عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة (2).
وروى نحو ذلك من عدة طرق، وقد تقدم خبر منها، وهو المسند عن