عسكر قتيبة على طريق القوم الذي وصف لهم. قال: ورئيس المسلمين يومئذ صالح أخو قتيبة، ففرق أصحابه ثلاث فرق فجعلهم كمناء: كمينا عن يمينه، وكمينا عن شماله، ووقف هو في الفرقة الثالثة على قارعة الطريق، حتى إذا مضى نصف الليل أو ثلثاه إذا أهل الشاش قد أقبلوا في الآلة والعدة التامة الكاملة، قال: فلما نظروا إلى المسلمين حملوا عليهم واختلط القوم، وخرج عليهم الكمينان عن يمينه ويساره فانطووا عليهم، وصبر الفريقان بعضهم لبعض ساعة، وشد على رجل من أهل الشاش عظيم القدر فيهم فضربه ضربة على قرطه فأطار رأسه، ووقعت الهزيمة على الكفار، فانهزموا والسيف يأخذهم، فلما أفلت منهم إلا الشديد. قال: وأسر منهم جماعة، وانصرف المسلمون إلى قتيبة فخبروه بذلك، فقال قتيبة: جزاكم الله من جماعة، وانصرف المسلمون إلى قتيبة فخبروه بذلك، فقال قتيبة: جزاكم الله من قوم خيرا فلقد جاهدتم فأحسنتم الجهاد، وأبليتم فأحسنتم البلاء. قال: ثم قدم هؤلاء الأسارى فضرب أعناقهم عن آخرهم، ثم أقبل على كعب بن معدان الأشقري (1) فقال له: يا كعب! ألست القائل في المهلب بن أبي صفرة هذه الأبيات (2):
ألا ذهب الغزو (3) المقرب للغنى * ومات الندى والجود بعد المهلب أقاما (4) بمرو الروذ رهن ضريحه * وقد فقدا من كل شرق ومغرب فقال: بلى أيها الأمير! أنا قائل هذا، وأنا الذي أقول فيك:
فما كان مذ كنا ولا كان قبلنا * ولا كائن كالباهلي ابن مسلم أعم (5) لأهل الأرض باسا ونائلا * وأقسم فينا مغنما بعد مغنم (6) قال: فأمر له قتيبة بجائزة سنية، وأقبل حتى نزل على سمرقند، فوضع عليها المجانيق فجعل يحاربهم أشد الحرب. قال: فأرسل إليه غوزك بن أخشيد ملك