منك، قال: من هم؟ قال: لا أخبرك بهم. قال: فلم اجترأت علي من بينهم؟ فقال مروان:
يا أمير المؤمنين إن هذا العبد الأسود (يعني عمارا) قد جرأ عليك الناس، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه، قال عثمان: اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار، فأمرت به أم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام، فأدخل منزلها، وغضب فيه بنو المغيرة وكان حليفهم، فلما خرج عثمان لصلاة الظهر، عرض له هاشم بن الوليد بن المغيرة، فقال: أما والله لئن مات عمار من ضربه هذا لأقتلن به رجلا عظيما من بني أمية، فقال عثمان: لست هناك.
قال: ثم خرج عثمان إلى المسجد، فإذا هو بعلي وهو شاك معصوب الرأس، فقال له عثمان: والله يا أبا الحسن ما أدري: أشتهي موتك أم أشتهي حياتك؟ فوالله لئن مت ما أحب أن أبقى بعدك لغيرك، لأني لا أجد منك خلفا، ولئن بقيت لا أعدم طاغيا يتخذك سلما وعضدا، ويعدك كهفا وملجأ، لا يمنعني منه إلا مكانه منك، ومكانك منه، فأنا منك كالابن العاق من أبيه: إن مات فجعه، وإن عاش عقه. فإما سلم فنسالم، وإما حرب فنحارب، فلا تجعلني بين السماء والأرض، فإنك والله إن قتلتني لا تجد مني خلفا، ولئن قتلتك لا أجد منك خلفا، ولن يلي أمر هذه الأمة بادئ فتنة. فقال علي: إن فيما تكلمت به لجوابا، ولكني عن جوابك مشغول بوجعي. فأنا أقول كما قال العبد الصالح: (فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون).
قال مروان: إنا والله إذا لنكسرن رماحنا، ولنقطعن سيوفنا، ولا يكون في هذا الأمر خير لمن بعدنا. فقال له عثمان: اسكت، ما أنت وهذا؟ فقام إليه رجل من المهاجرين، فقال له.
يا عثمان، أرأيت ما حميت من الحمى (آلله أذن لكم أم على الله تفترون) فقال عثمان. إنه قد حمى الحمى قبلي عمر لإبل الصدقة، وإنما زادت فزدت، فقام عمرو بن العاص فقال.
يا عثمان، إنك ركبت بالناس نهابير (1) من الأمر، فتب إلى الله يتوبوا، فرفع عثمان يديه وقال توبوا إلى الله من كل ذنب، اللهم إني أول تائب إليك. ثم قام رجل من الأنصار: فقال:
يا عثمان: ما بال هؤلاء النفر من أهل المدينة يأخذون العطايا ولا يغزون في سبيل الله. وإنما هذا المال لمن غزا فيه وقاتل عليه، إلا من كان من هذه الشيوخ من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، فقال عثمان: فاستغفر الله وأتوب إليه. ثم قال: يا أهل المدينة، من كان له منكم ضرع فليلحق بضرعه ومن كان له زرع فليلحق بزرعه فإنا والله لا نعطي مال الله إلا لمن غزا في سبيله: إلا من كان من هذه الشيوخ من الصحابة. قال: فما بال هذا القاعد الشارب لا تقيم