وزاده في المسجد فله به الجنة، فاشتريته بعشرين ألفا، وأدخلته في المسجد؟ قال طلحة: نعم.
قال: فهل تعلم اليوم أحدا يمنع فيه من الصلاة غيري؟ قال: لا. قال: لم؟ قال: لأنك غيرت وبدلت. ثم انصرف عثمان وبعث إلى علي بخبره أنه منع من الماء، ويستغيث به، فبعث إليه علي ثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل إليه، فقال طلحة: ما أنت وهذا؟ وكان بينهما في ذلك كلام شديد، فبينما هم كذلك إذ أتاهم آت فقال لهم: إن معاوية قد بعث من الشام يزيد بن أسيد مددا لعثمان، في أربعة آلاف من خيل الشام، فاصنعوا ما أنتم صانعون، وإلا فانصرفوا وكان معه في الدار مئة رجل ينصرونه منهم عبد الله بن الزبير، ومروان بن الحكم، والحسن بن علي، وعبد الله بن سلام، وأبو هريرة، فلما سمع القوم إقبال أهل الشام، قاموا فألهبوا النار بباب عثمان، فلما نظر أهل الدار إلى النار، نصبوا للقتال وتهيئوا، فكره ذلك عثمان قال: لا أريد أن تهراق في محجمة (1) دم، وقال لجميع من في الدار: أنتم في حل من بيعتي، لا أحب أن يقتل في أحد، وكان فيهم عبد الله بن عمر، فقال: يا أمير المؤمنين: مع من تأمرني أن أكون إن غلب هؤلاء القوم عليك؟ قال: عليك بلزوم الجماعة. قلت: فإن كانت الجماعة هي التي تغلب عليك؟ قال عليك بلزوم الجماعة حيث كانت. قال: ثم دخل عليه الحسن بن علي، فقال مرني بما شئت، فإني طوع يديك. فقال له عثمان: ارجع يا بن أخي، اجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره. ثم دخل عليه أبو هريرة متقلدا سيفه، فقال: طاب الضراب يا أمير المؤمنين، قد قتلوا منا رجلا، وقد ألهبوا النار، فقال عثمان: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا ألقيت سيفك، قال أبو هريرة: فألقيته فلا أدري من أخذه. قال: ودخل المغيرة بن شعبة، فقال له: يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قد اجتمعوا عليك، فإن أحببت فالحق بمكة، وإن أحببت أن نخرق لك بابا من الدار فتلحق بالشام ففيها معاوية وأنصارك من أهل الشام، وإن أبيت فاخرج ونخرج، ونحاكم القوم إلى الله تعالى. فقال عثمان: أما ما ذكرت من الخروج إلى مكة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش، عليه نصف عذاب هذه الأمة من الإنس والجن، فلن أكون ذلك الرجل إن شاء الله، وأما ما ذكرت من الخروج إلى الشام، فإن المدينة دار هجرتي، وجوار قبر النبي عليه الصلاة والسلام، فلا حاجة لي في الخروج من دار هجرتي، وأما ما ذكرت من محاكمة هؤلاء القوم إلى الله، فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراق الدم.