فخرجا حتى قدما على النجاشي... فلم يبق من بطارقته بطريق الا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، وقالا لكل بطريق منهم: أنه قد لجأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فان قومهم أعلم بما عابوا عليهم. فقالوا لهما، نعم.
ثم انهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له:
أيها الملك، انه قد لجأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
فقالت بطارقته من حوله: صدقا أيها الملك، فان قومهم اعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.
فغضب النجاشي وقال: لا ها الله، إذا لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد لقوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فان كان كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وان كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا وقال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول - والله - ما علمنا وما أمرنا به نبينا - صلى الله