الطبري من الخصوصيات التفصيلية التي لم تتفق معها رواية ابن إسحاق، مع أن كلتيهما تمران بثور بن يزيد الكلاعي الشامي المتوفى في 155 كما في كتب الرجال ومنها " تهذيب التهذيب "، ولذلك نرى ابن إسحاق يسحق موارد الخلاف في هذا الخبر باختصاره للتفصيلات الواردة فيه، وبالتصرف في عدد الملائكة، فبينما نجد خبر ثور بن يزيد عن شداد بن أوس يذكر عدد الملائكة الحاضرين للقيام بالعملية على رسول الله: ثلاثة، نجد ابن إسحاق قد أعاد العدد إلى اثنين كي يتوافق العدد فيه مع ما في خبر الجهم عن عبد الله بن جعفر.
وكذلك في عدد من معه، فبينما نجد خبر ثور عن شداد يذكر " مع أتراب لي من الصبيان " نرى ابن إسحاق قد أعاد العدد إلى فرد بنفس النسبة التي في خبر الجهم عن ابن جعفر " مع أخ لي "، وكذلك بالتصرف في المكان الذي جرى فيه الحادث، فبينما نجد خبر ثور عن شداد يذكر مكان الحادث " منتبذ من أهلي في بطن واد " نرى ابن إسحاق قد أعاده إلى " خلف بيوتنا ".
وكذلك بالتصرف في حال الرسول حينئذ: فبينما نرى خبر ثور عن شداد يذكر " نتقاذف بالجلة " نرى ابن إسحاق قد أبى على النبي اللعب بالجلة ولو في صغره وأصر على تكرير ما في خبر الجهم " نرعى بهما لنا " أي نرعى الصغار من الغنم، وليت شعري إذا كان الذي أو الذين معه أترابه وهو كما في خبر الجهم بعد أشهر من فصاله فكيف يرعى الغنم؟!
وان هذا لعمري لدليل على وضع الخبر وقصر حبل الكذب! وهذا الإختلاف بذاته لمن الدواعي التي تثير الشكوك حول هذه الحادثة، وبخاصة إذا نظرنا إلى أسانيد هذه الروايات وعرضناها على الأصول التي لابد من