دينهم في أطراف مملكته بكل ما قدر عليه. فأصبح الدين الرسمي والعام لإيران على عهد الساسانيين هي المجوسية، وبما أن سلطة الساسانيين إنما تحققت بتأييد موابذة المجوس لذلك كانوا في رعاية تامة من قبل البلاط الساساني، وكانوا أقوى طبقة في المجتمع الطبقي الإيراني، وكان الحكام الساسانيون في الواقع متعينين بتعيين من الموابذة المجوس، فإذا تمرد أحد الحكام على العلماء الروحيين كانوا يقابلونه بشدة، وكذلك كان الملوك الساسانيون يقبلون على طبقة رجال الدين أكثر من أية طبقة أخرى، ولذلك كان الموابذة في اطراد وكثرة، وكان الساسانيون يفيدون منهم لتأييد سلطانهم، ويقيمون لهم في أطراف إيران معابد النيران وفي كل منها عدد كثير منهم، حتى كتبوا أن خسرو پرويز بنى معابد نيران كانت تسع لاثني عشر ألف " هيربد " من العباد يصلون ويتلون الأناشيد الدينية (1).
وهكذا كانت المجوسية دين البلاط الرسمي، وكان الموابذة المجوس يسعون لتهدئة الطبقات الكادحة والمحرومة من المجتمع بحيث لا يحسون كثيرا بآلامهم.
وهذه الصلاحيات اللامحدودة المخولة للموابذة المجوس وضغطهم الشديد على عموم الناس أثر في ابعاد الناس عن المجوسية، فكان أكثر الناس يحاولون أن يجدوا لأنفسهم دينا غير دين طبقة الأشراف.
ومن ناحية أخرى: فان دين المجوس كان قد فقد حقيقته تماما، فقد بلغ تقديس النيران إلى تحريم ضرب الحديدة المحماة بالنار بالمطرقة لأنها بمجاورتها النار كانت قد تقدست بقداسة النار المقدسة! وهكذا شكلت