توفي والده وهو في الخامسة عشرة من عمره فقام مقام والده في رئاسة عائلته على صغر سنه وقام بمهام تلك الرئاسة أحسن قيام. ثم رحل من بلاد حضرموت إلى سنغافورة والبلاد الجاوية وعمره 17 سنة لإفادة أهلها فنجحت مساعيه وتكللت اعماله بالفوز حتى أصبح مضرب الأمثال فكثر حساده و تضافرت على مقاومته أضداده فأظفره الله عليهم وعادوا بالخيبة والخذلان ووصل إلى سنغافورة سنة 1296 واشتغل بالتجارة ليكون مستغنيا عن الناس فنجح في تجارته وحافظ على أوقاته فعمل جدولا قسم فيه أوقاته على اعماله وراحته وجعل حصته للمطالعة لا تقل عن ثلاث ساعات على الدوام وكلما وجد سعة في الوقت جعلها للمطالعة وكان يقول مواقيتك يواقيتك فحافظ عليها وكان يقول أعظم عون لي في نجاح مقاصدي توزيع أوقاتي ولم يكن يقبل مناصب الدول واراده الملك حسين بن علي ان يكون ناظرا للمعارف بمكة المكرمة سنة 1340 فأبى سوى انه رغب إلى حكومة سنغافورة ابان الحرب العظمى الأولى في تأسيس مجلس باسم مجلس الاستشارة الاسلامي فأجابته لذلك وترأس هذا المجلس وغايته اجراء أحكام المسلمين كالمواريث وغيرها على وفق مذهبهم. وأسس في سنغافورة جمعية اسلامية ومجلة وجريدة عربيتين ومدرسة عربية دينية وحج البيت الحرام ثلاث مرات أقام في إحداها بالحجاز مع عائلته أكثر من ستة أشهر وسافر إلى الهند مرارا وسافر إلى اليابان والصين والى آخر بلاد روسيا ومنها إلى برلين ففرنسا وحضر بها المعرض العلمي والتجاري وتعرف بعلية المستشرقين فيها ورأى في جهة من المعرض العلمي علما لدولة اسلامية وتحته منبر للخطابة لم يصعد عليه أحد فصعد عليه واجتمع حوله علماء المستشرقين فألقى خطابا نفيسا ذكر فيه السيرة النبوية ومحاسن الاسلام ولما نزل عن المنبر صافحوه ودعوه إلى حفلة أقاموها له في نزل كبير والتفوا حوله رجالا ونساء وسافر أيضا إلى العراق وسورية ومصر مرارا. وكان قوي الحجة ثاقب الفكر حاد الذهن شديد الفهم باحثا محققا نقادا مطلعا رايته بدمشق وكانت بيني وبينه مكاتبة.
مؤلفاته 1 النصائح الكافية ورد عليه رجل بكتاب سماه الرقية الشافية من مضار النصائح الكافية فرد السيد أبو بكر بن شهاب على الرد بكتاب أسماه الحمية من مضار الرقية 2 تقوية الايمان 3 فصل الحاكم في النزاع والتخاصم 4 العتب الجميل على اهل الجرح والتعديل وهذه كلها مطبوعة 5 ثمرات المطالعة أشار اليه في العتب الجميل بلغ عدد صفحاته أربعة آلاف صفحة وقيل ثمانية آلاف بقطع النصف وذلك أنه كان كثير المطالعة وله ولع عظيم بها بقي عدة أعوام يطالع في كل ليلة مائة وخمسين صفحة فكان إذا أراد مطالعة كتاب وضع مذكرته وقلمه ودواته بجانبه وشرع في المطالعة وعند الانتهاء من مطالعة ذلك اليوم يكتب على المحل الذي وقف عليه تاريخ اليوم والشهر والسنة فإذا رأى في الكتاب غلطا كتب على هامشه: الظاهر كذا. وإذا مرت به فائدة أو اعتراض على صاحب الكتاب أو من نقل عنه كتب ذلك في مذكراته فاجتمع عنده جملة وافرة من هذه المذكرات فجمعها في كتاب وسماه ثمرات المطالعة وقد رأيت منه كراريس حينما كان يطبع بمصر ثم لم أقف له على خبر ولا أدري أ تم طبعه أم لا 6 أحاديث لمختار في معالي الكرار ذكره في العتب الجميل 7 كتبه ومراسلاته لإخوانه فيها فوائد جليلة لو جمعت لكانت مجلدا ضخما.
مراثيه قال المؤلف يرثيه من قصيدة:
سالت دموع العين كل مسيل * حزنا لرزء محمد بن عقيل رزء بدا فيه الزمان بمقلة * مكفوفة وبساعد مشلول رزء به فجع النبي محمد * والبضعة الزهراء خير بتول والمرتضى وبنوه كلهم فهم * من سائل باك ومن مسؤول رزء له تبكي علوم محمد * وشرائع التحريم والتحليل نبأ من اليمن استطار فزلزلت * منه البلاد وقيل دونك زولي نبأ له اهتز الحجاز وبابل * وربى الشام وارض وادي النيل وأصاب أقصى حضرموت بفجعة * تركت بنيه برنة وعويل وصداه عم الهند من أطرافها * والمغرب الأقصى وكل قبيل بمحمد جل المصاب ولم يكن * رزء الجليل الفذ غير جليل ارض الحديدة قد سعدت بنازل * لم تسمح الدنيا له بمثيل أين السان العضب ان جردته * يمضي مضاء الصارم المصقول أين المقال الفصل لا يبقى به * عند الجدال لقائل من قيل أين اليراع إذا جرى كشفت به * شبهات كل مموه ضليل كم قد نصرت الحق إذ لا ناصر * وأقمت أوضح حجة ودليل ورددت خصمك ناكصا متحيرا * بدلائل المعقول والمنقول وإذا بدا ليل الشكوك بدت به * آراؤك الغراء كالقنديل وإذا الفحول إلى لقاك تواثبت * تلفى فحول القوم غير فحول كم موقف لك في الجدال غدت به * الأبطال بين مجدل وقتيل نظروا إليك وقد بهرت عقولهم * بنواظر عند التخاصم حول كادوك فيما لفقوا من إفكهم * فتركت كيد القوم في تضليل وتركت ما قد لفقوه وموهوا * يذرى كعصف يابس مأكول ورميتهم بحجارة من قولك * المعروف لا بحجارة السجيل ونبا سلاح الحق في أيديهم * فتدرعوا بالسب والتنكيل وكذا سلاح العاجزين سبابهم * بئس السلاح لعاجز مخذول جردت سيف الحق ابيض ماضيا * وسطوا بسيف للضلال كليل ضالوا وصلت لدى الخصام فلم تدع * عند التخاصم صولة لصؤول لما تسابقتم سبقت وقصروا * وامتاز فاضلكم من المفضول وعمدت للبرهان يشرق وجهه * نورا وقد عمدوا إلى التدجيل ان النصائح منك كافية غدت * بسماعها ان قوبلت بقبول أظهرت بالعتب الجميل وما حوى * هفوات اهل الجرح والتعديل عاتبتهم عتبا جميلا للذي * ما كان فيه فعلهم بجميل ونهجت نهجا للهدى وأبنت عن * غرر له مشهورة وحجول ولقد ورثت من النبي محمد * خلقا كزهر الروضة المطلول ونشرت بين الخلق علما زاهرا * ما كان بالمكذوب والمنحول فاذهب كما ذهب الغمام له الثنا * من كل حزن في الثرى وسهول في كل جيل منك ذكر خالد * يرويه جيل غابر عن جيل يا قبره كم فيك غيب من ندى * غمر ومجد في التراب أثيل يا قبره كم فيك غيب من شبا * عزم ورأي في الأمور أصيل 909:
أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلمين، رأس الشيعة، صاحب