وباع ذاك المكاري الغر بغلته * ولا أراه على فعل بمأجور واحرز الشيخ مما كان يلزمه * مؤونة العام رزقا غير منزور وقام ثمة للسودان معترك * على الحكاكة من حول التنانير وعندها فضة صالت على قدم * حتى علت رأسها ضربا بكفكير واستعرضت قدم في ظهر طاوتها * وجها لفضة حتى عاد كالقير وعربدت خيزران غب عولتها * كأنها بغلة صاحت بياخور وحين قامت على ساق عويصتهم * شبه السخال وأمثال السنانير هنا تفاحة شجت براطمها * فأعولت جزعا إعوال خنزير شبت لظى الحرب بين الأم وابنتها * ضربا على الهام أو فوق المناخير فالله الله كم للصفر من زجل * كما تمر على سوق الصفافير فتلك بالطوس صكت هام جارتها * وتلك تضرب في كاسات فرفور وهذه تتحراها بميجنة * وتلك تشتد في محراث تنور فلا ترى قط إبريقا ومسخنة * وانقريا وصحنا غير مكسور رضت جميع أوانيهم فما تركوا * على الرفوف ولا مشقاب بلور لهفي على كسر البلور حين غدت * كلؤلؤ فوق وجه الأرض منثور تشع مع غسق الظلماء ناصعة * فينجلي بسناها كل ديجور ومذ أتى الشيخ يسعى بالعصا مرحا * كما سعى قبله موسى إلى الطور رأى نجوما بصحن الدار قد نثرت * فقال جل جلال العالم النوري ان السما أتحفت داري ببهجتها * وما درى ذاك رضراض القوارير فزمجر الشيخ إذ قامت قيامته * بصيحة أوهمتنا نفخة الصور فقام يجمع شملا غير مجتمع * منها ويجبر كسرا غير مجبور فما انقضى الليل الا أصبحت قدم * آذانها نهب أطراف المسامير وذاك لا شك مما قد جنت يدها * عدوا على الجار بالبهتان والزور فقل لحافر تلك البئر مقتنصا * لقد وقعت بها يا حافر البير وقال على اثر ورود السيد محمد القزويني من الحج:
أ محدثا عما يراه بمكة * عن كل ما فيها من الأنباء وبذاك لو يقضي جميع زمانه * ما جاء في شئ من الأشياء ثم اطلع على هداياه من فقال:
أ تحدثني عما رآه بمكة * خير الحديث سوق عكاظ وله:
صبرا جميلا فلعل وعسى * يورق عود الوصل بعد ما عسى والدهر قاس قلبه وربما * يلين قلب الدهر بعد ما قسا يا دهر كم مارستني في موطن * شاهدت مني فيه قرما أشوسا لا ينثني عن غاية يطلبها * أو يبلغ الغاية صعبا أشرسا أبوه قد أسس بيتا للهدى * وهو بنى فشاد ما قد أسسا من فتية أبوهم عليها * وأمهم فاطمة خير النسأ ما أصبح الصبح على أمثالهم * أطواد عز لا ولا من المسا من كل وضاح الجبين نوره * استعار نور الشمس منه قبسا ما عسعس الليل على آمالهم * الا وصبح جودهم تنفسا وعيلم ان أعضلت معضلة * كان لبرء دائها نعم الأسا يا دهر خذ بالقرب منهم نفسا * وعد كل العمر ذاك النفسا أسلمتني إلى الأسا من بعدهم * من بعدهم أسلمتني إلى الأسا ودارت مطارحات أدبية بينه وبين السيد صالح ابن السيد مهدي القزويني سنة 1298 فقد اجتاح النجف في تلك السنة طاعون جارف هرب منه كل من استطاع الهرب إلى المناطق الآمنة المجاورة وعاش كثير من الناس تحت الخيام وكان الشيخ محسن في جملة الهاربين من الطاعون ولكن السيد صالح القزويني آثر البقاء في النجف فكان خير عون للفقراء الذين لم يتيسر لهم الفرار من وجه الطاعون يهئ الطعام والدواء لمرضاهم والأكفان لموتاهم ويعول أراملهم ويتاماهم وقد دارت بينه وبين الشيخ محسن بهذه المناسبة رسائل طريفة بعضها منظوم وبعضها منثور قال القزويني يخاطب الشيخ محسن:
لو تراني يوم قد فر الألى * عن حمى المولى قبيلا فقبيل مفردا أسلمه أصحابه * أ رأيت القوم بيوم ابن عقيل فإذا أنكرتني أبصرتني * معلما ارغل قدام الرعيل فعلى هذا أصلي وعلى ذا * ك من أصحابك الترب أهيل ولذا أدعو هلموا كفنا * ولذا اهتف يا هل من غسيل دونكم فاتخذوا مرضعة * لرضيع وطعاما لعليل لرأت عيناك ما سر الحشا * ووعى قلبك ما يشفي الغليل ولعاونت على البر تقى * ولواسيت على الخطب الجليل قال الشيخ محسن يجيبه:
أنت يا من شهد المجد له * انه في المجد معدوم المثيل وإذا ما ثقلت معضلة * فهو الناهض بالحمل الثقيل وإذا جفت أفاويق الحيا * فاخر الغيث لدى العام المحيل وإذا ما قصرت أيدي الورى * لملم فهو ذو الباع الطويل وإذا ضاق بهم رحب الفضا * وسعت همته كل قبيل ومقيما في ثنيات الحمى * عند ما أزمعت القوم الرحيل راسخا كالطود لا يقلقه * رهج أو ينثني الطود مهيل يا غليلي من جو وقفته * وهن من قلب الهدى تشفي الغليل غرضا للنبل إذ يرهبه * كل شهم رابط الجاش نبيل ابدا ما خل عن نهج الهدى * حين حاد القوم عن قصد السبيل فهو اما ناقل اقدامه * خلف ميت أو لأطعام عليل حسبك الله وقد فر الألى * لم يقل قائلهم صبرا جميل حدجوا العيس فما أسرعها * ساعة السير وجيفا وذميل فتنة ضل الادلاء بها * والعذير الله ان ضل الدليل فتوكلت عليه قائلا * حسبي الله ويا نعم الوكيل ومن شعره في الغزل:
أ كاس من وجنتيه النهبا * أم من دم العنقود قد تخضبا وبالشقيق خده مذهب * أم بدمي لما اطل اختصبا وتلك شمس بالنجوم احتنكت * أم الحميا ما أرى والحببا ولست أدري ارضابا أحتسي * من سلسبيل ثغره أم ضربا وما دريت بشذى أنفاسه * أم بشذى المسك ذكت ريح الصبا يسبي الظبا في لفتات جيده * في لفتات جيده يسبي الظبا فلو تراه إذ تهاوى طربا * رأيت في برديه غصنا رطبا ولو ترى الأكواب إذ يديرها * لقلت ما رأيت الا كوكبا ودون ان يمزجها بريقه * هيهات ان أشربها أو يشربا والراح ما أشرق منها كوكب * الا وفي فم الندامى غربا قد ساب أفعى جعده في خده * لكنه أفلاذ قلبي لسبا