يأتي إلى بيتنا كل يوم، وقد بدأنا بدراسة اللغة الفارسية وآدابها وبعد ست سنوات متتالية فرغنا من تعلمها ومن الدراسات البدائية للأطفال.
في تلك الأيام لم يكن للدراسات البدائية المدرسية برنامج خاص بل يتهيأ للطالب عند وروده المدرسة، وكل أحد يتعلم حسب ذوقه واستعداده للدراسة.
وقد انتهيت من تعلم القرآن الكريم الذي كان يدرس قبل كل شئ ومن ثم من كتاب گلستان وبوستان لسعدي الشيرازي ونصاب الصبيان وأنوار سهيلي وأخلاق مصور وتاريخ معجم ومنشآت أمير نظام وارشاد الحساب وهكذا تمت دراستنا في الدور الأول في تعلم الأطفال.
ثم شرعت بدراسة العلوم الدينية واللغة العربية، وفرغت من دراسة المتون العلمية المتعارفة آنذاك لدى الأوساط العلمية، ففي خلال سبع سنوات، قرأت في علم الصرف ولاشتقاق كتب الأمثلة وصرف مير والتصريف، وفي النحو كتاب: العوامل في النحو والنموذج والصمدية وألفية ابن مالك مع شرحه للسيوطي وكتاب النحو للجامي والمغني اللبيب لابن هشام، وفي المعاني والبيان كتاب: المطول للتفتازاني، وفي الفقه: الروضة البهية للشهيد الثاني، والمكاسب للشيخ الأنصاري، وفي أصول الفقه كتاب: المعالم في أصول الفقه للشيخ زين الدين، وقوانين الأصول للميرزا القمي، والرسائل للشيخ الأنصاري، وكفاية الأصول لآية الله الآخوند، وفي المنطق:
الكبرى في المنطق وكتاب الحاشية وشرح الشمسية، وفي الفلسفة:
الإشارات والتنبيهات لابن سينا، وفي الكلام: كشف المراد للشيخ خواجا نصير الدين الطوسي، وهكذا انتهيت عن المتون الدراسية غير الفلسفة المتعالية والعرفان.
واستكمالا لدراساتي الاسلامية ذهبت إلى النجف الأشرف فحضرت درس الأستاذ آية الله الشيخ محمد حسين الأصفهاني، ودرست خارج أصول الفقه لمدة ست سنوات متتالية، وفي أثناء تلك الفترة كنت أحضر الدراسات العالية في التشريع الاسلامي والفقه الشيعي لشيخنا آية الله النائيني وأكملت عند سماحته أيضا دورة كاملة خارج أصول الفقه لمدة ثمانية سنوات، وفي الرجال تتلمذت في: كليات علم الرجال على المرحوم آية الله الحجة الكوهكميري.
كان أستاذي في الفلسفة الاسلامية، هو حكيم الاسلام السيد حسين البادكوبي وقد تتلمذت على سماحته في منظومة السبزواري والأسفار والمشاعر للملا صدرا، والشفاء لابن سينا، وكتاب اثولجيا لأرسطو، والتمهيد لابن تركه. والاخلاق لابن مسكويه.
وقد كان الأستاذ البادكوبي يحبني كثيرا ويشرف بنفسه على دراستي وتريخ جذور التربية في وجودي، ومن ذلك كان يرشدني إلى مدارج الفكر وطرق الاستدلال، حتى اعتدت بها في تفكيري، ومن ثم أمرني ان احضر درس العالم الفلكي السيد أبو القاسم الخونساري فقرأت معه:
الرياضيات العالية دورة كاملة والعلوم الهندسية بكلا قسميها:
المسطحة والفضائية والجبر الاستدلالي.
ثم اضطررت إلى العودة إلى الوطن إثر تدهور الأوضاع الاقتصادية ونزلت بمدينة تبريز مسقط رأسي وأقمت بها مدة أكثر من عشر سنين، ففي الحقيقة كانت تلك الأيام أيام تعيسة في حياتي لأني بسبب الحاجة الماسة للإعاشة ولامرار شؤون الحياة انشغلت عن التفكر والدراسة واشتغلت بالفلاحة والزراعة، وكنت أشعر بخسارة روحية عند ما كنت هناك وكان يسود البؤس نفسي ويظلني غمام الألم والضجر، حيثما كنت مشغولا عن الدراسة والتفكير. ثم أغمضت العين عن أمر المعاش وتركت المدينة عائدا إلى قم المشرفة وحين نزلتها أحسست بنجاتي من السجن المؤلم، شاكرا العلي القدير، لأنه أجاب دعائي وأعطاني التوفيق والسداد في سبيل العلم واعداد رجال الدين وتهيئة جيل صالح لخدمة الاسلام والشريعة المحمدية ص، والى الآن وقد قضيت أيامي في تلك البلدة المشرفة حرم الرسول.
نعم، لكل أحد حسب ظروف الحياة، فترات حلوة ومرة طوال حياته، ولي أيضا خاصة من ناحية اني قضيت فترة من حياتي في اليتم ومفارقة الأحبة وذقت ألم اليتم بكل شعوري وعواطفي، وقد واجهت بملمات مؤلمة طول حياتي، ولكن ربي لم ينسني لحظة واحدة فقد ساعدني دوما بنفاحته القدسية في مزالق خطيرة وكأني أحسست أن قوة خفية جذبتني وأزالت كل العوائق عن طريقي.
فعند ما كنت طفلا ومتعلما بعلمي: الصرف والنحو، لم أجد في نفسي رغبة في مواصلة التحصيل والدراسة ومضت أربع سنوات ولم افهم ما ذا أقرأ، ولكني فجأة وجدت نفسي مطمئنا وكأني أصبحت على غير ما كنت عليه أمس، فاهما مجدا في سبيل العلم والتفكير، ومنذ ذلك اليوم والحمد لله إلى أخريات أيام دراستي زهاء سبعة عشر سنة ما كسلت وما توانيت في طلب العلم، فقد نسيت حوادث الدهر وملذات الحياة وتعاستها وانقطعت عن كل أحد وكل شئ غير اهل العلم وأصحاب الفضيلة مقتصرا على الحاجيات الأولى في الليل والنهار ووقفت نفسي للدرس والتعليم وبث معارف الاسلام وتربية الطلاب.
وطالما قضيت الليل في القراءة خاصة في فصلي: الربيع والصيف حتى تطلع الشمس وأنا مشغول بالمطالعة، وكم معضلة حلت لي خلال مطالعاتي وكنت أقرأ درس الغد قبل مجئ يومه فلا تبقى لي مشكلة حين عند ما أواجه الأستاذ.
المؤلفات التي كتبتها في النجف:
1 رسالة في البرهان. 2 رسالة في المغالطة. 3 رسالة في التحليل. 4 رسالة في التركيب. 5 رسالة في الاعتباريات الأفكار التي يخلقها الانسان 6 رسالة في النبوة ومنامات الانسان.
المؤلفات التي ألفتها في تبريز:
1 رسالة في اثبات الذات.
2 رسالة في الصفات.