ذهب الهنا وصفاء عيشي بعده * وغدا الشيوخ الشائبون رفاقي وفقدت شدة ساعدي وهمتي * ثقلت وخفت قوة الأعراق وابيض شعري والزمان أحاله * قطنا وبارت صبغة الخلاق وكرهت ان تحتل وجهي شيبة * بيضاء تلمع فيه كالمزراق ويحسن الفقهاء لي إطلاقها * وانا أقبح مذهب الاطلاق ويعد عندهم المخفف ذقنه * بين البرية أكبر الفساق ومن التقلب في عذاب جهنم * يوم القيامة ما له من واق كم قال لي امل الديانة منهم * ذهبت بدينك شفرة الحلاق فأجبتهم كفوا فتطويل اللحى * بعد المشيب مخالف المذاقي وإذا أبيتم فاكتبوا ضبطا بها * وإلى المفوض حولوا أوراقي وقال:
أرى الحكام طرا والرعايا * جميعا بين مرتشي وراشي وان الاختلاف بكل قطر * لأمر بينهم في الكون فاشي لقد كذب الذين رووا وقالوا * بان الحال بين الناس ماشي أ أرباب الحكومة لم غدوتم * تقودون الورى قود المواشي وليس يهمكم الا بطون * معودة على اكل المحاشي وتغسيل لأيد كامشات * معودة على قبض المعاش وهندسة لألبسة كسيتم * بها الأبدان من أغلى القماش ونوم يطرح الانسان منكم * إلى قرب الظهيرة في الفراش وتطربكم مشاجرة البرايا * وتعجبكم مقالة كل واشي وكم تستبشرون إذا سمعتم * بان الخلف بين الناس فاشي لنيل مآرب ان تنكروها * سأذكرها الغداة ولا أحاشي وقال:
معاشر اهل المال حتى م نشتكي * إليكم بهذا الدهر فقرأ وإعوازا ونسألكم إسعافنا فنراكم * تولوننا منكم ظهورا واعجازا أ ليس حراما ان يكون طعامكم * مدى الدهر عن قوت الخلائق ممتازا وطبخكم والخبز لا تأكلونه * بأبياتكم يوما إذا لم يكن طازا وأطفالنا لا تستقر إذا رأت * من الناس طباخا هناك وخبازا أ ليس حراما ان نرى الشخص منكم * لأفخر أنواع الملابس قد حازا وواحدنا لا يستطيع بعامه * بان يكتسي إلا قميصا وغنبازا أ يحسن منكم أن يكون فتاكم * بخيلا لأصناف الدراهم كنازا وكل امرئ منا يروح ويفتدي * وقد أعجزته قلة المال إعجازا أعد لا يعيش المرء منا بقربكم * زمانا طويلا لا يصادف إعزازا ونحن إذا ما حل يوما بربعنا * فتى منكم أو مر بالحي مجتازا يصادف تعظيما هناك لنفسه * وتكرمة منا ولو كان معازا أعدلا يعد المرء منكم لسيره * جوادا يضاهي الصقر في السير والبازا ونحن إذا ما المرء منا على السرى * أراد معينا ليس يملك عكازا الا فاعدلوا اهل الفلوس فصنفنا * إلى نحو حزب البلشفيك قد انحازا ولا تأمنوا الغارات منا فنهبكم * بمذهب أبناء الخصاصة قد جازا يقول الناس في جبل عامل للرجل: هذا ركبه عيسى كناية عن الفقر والإملاق وعدم النجاح في الأعمال، وعيسى هذا يراد به عيسى سيف الذي كان حاكما جائرا إذا غضب على انسان أفقره حتى أصبح اسمه رمزا للفاقة والاخفاق، ولما كان المترجم من اعلام الجماعة المنكوبة بعيسى فقد خاطبه بعدة قصائد منها هذه القصيدة:
الا قل لعيسى ان وجد له اثرا * خف الله واصرف على جماعتك الفقرا حكمت فلا عدل بحكمك فيهم * وجرت فلم تترك على مؤمن سترا لكل مليك دولة ونهاية * سواك لقد أفنيت في حكمك الدهرا فلم تراع جانب الله فيهم * فقد صبروا حتى لقد اطعموا الصبرا فكم من فقيه ذي علا وفضائل * على غير جرم قد ركبت له ظهرا كأنك من دون الأنام حسبته * حمارا لقطع البيد يصلح أو مهرا وكم سيد جردته من ثيابه * ولم تخش يوما من عمامته الخضرا وكم ذي غيال قد حللت بداره * وأعلقت في أذياله الناب والظفرا إذا ما مشى يوما إلى الرزق ساعيا * تضيق في ألحاظه البر والبحرا أ لم تنظر الأطفال في كسر بيته * من الجوع قد أمست وجوههم غبرا وكم من فتى قد كان في حال ثروة * وأفنى مع الإثراء من عمره شطرا صنعت به مثل الطيور فلم تدع * جناحا ولا ريشا عليه ولا وبرا أ ما لك تسليط على غير عصبة * مساكين لم يعصوا لربهم امرا فكم من أناس واصلوا كل شقوة * فلم يحفظوا لله حقا ولا قدرا ترى المال والإنعام مل ء ديارهم * ولم يعرفوا يوما لمنعمهم شكرا فقل لي لما ذا لا تحل بربعهم * ولم لم تصبهم قد محنتك الكبرى تنح وكن هنا جميعا بمعزل * ولا تعترض في الناس زيدا ولا عمرا وإلا رب البيت والركن والصفا * يوافيك جيش يملأ السهل والوعرا ويأتيك أرباب العمائم كلهم * غضابا يهزون البواتر والسمرا ترى ان سروا يوما عراج حميرهم * تضاهي نسيم الريح في حالة المسرى بهم كل شيخ كالبعير وسيد * تخيله من غرض أكتافه جسرا سيجمعك الرحمن ربك في غد * وإياهم طرا ويحشركم زمرا هناك لديه كم ترى من شكاية * عليك فلا تلقى مفرا ولا عذرا وقال وقد التقى بزميله الشاعر الفكاهي مصباح رمضان في صيدا:
ان المصابيح في صيداء قد كثرت * وزال منها ظلام الليل وانقشعا فبعضها منه نور الكهرباء بدا * وبعضها منه نور الغاز قد طلعا ويغلب الكل مصباح هناك غدا * من معدن اللطف والعرفان مصطنعا أ لا ترى كل وقت من زجاجته * نور المعارف والآداب قد سطعا لقد أعارته بيروت لجارتها * صيدا فطوبى لحي فيه قد وضعا يا أيها الندب ان الناس قد وصفوا * ما حل فيك من الآداب واجتمعا وكنت أقطف من أثمار شعرك ما * ألقاه في روضة العرفان قد زرعا حتى إذا ما التقينا بعد آونة * في سفح صيدا بأيام الربيع معا أيقنت أنك حاو فوق ما وصفوا * من الكمال وما راء كمن سمعا لقد نشأت بارجاء الضياع ولى * قلب من الهم في سلعاء قد سلعا وأنني موجع فامنن علي إذا * من القوافي بشئ يذهب الوجعا وقال مستصرخا لدفع الشر عن فلسطين:
إذا ما جئت مصرا والشئاما * وأرضا ضمت البيت الحراما ونجدا والعراق وسرت يوما * إلى اليمن التي حوت الإماما ولبنان الذي تسقي الأعادي * بواسله العلاقم والشماما وتونس والأقاليم اللواتي * بها مجد العروبة قد تسامى فبلغ اهل هاتيك النواحي * جميعا عن فلسطين السلاما وقل لهم مقالة مقدسي * تؤجج في قلوبهم الضراما