هواء نجد وسأله صاحب الجواهر مرة من باب المطالبية هل للمجتهد جميع ما للامام وكان يقول بذلك وصاحب الجواهر لا يقول به فقال نعم فقال صاحب الجواهر اشهدوا اني طلقت زوجة الشيخ فقال الشيخ محسن ثبت العرش ثم انقش ومثل هذا قد يقع بين المتعاصرين كثيرا ولا يقدح في جلالة شانهم تغمدنا الله وإياهم بعفوه ورحمته.
وعن التكملة: عالم علامة فقيه فهامة محدث كبير رجالي خبير طويل الباع كثير الاطلاع متبحر قل في المتأخرين نظيره إلا الشيخ أسد الله صاحب المقابيس تخرج عليه جماعة كالشيخ محمد طه والسيد محمد الهندي وغيرهما كان من تلاميذ الشيخ جعفر وابنه الشيخ موسى ولصعوبة مسلكه لم تحصل له مرجعية عامة إلى أن توفي صاحب الجواهر فرجع إليه أكثر العرب ولم تطل مدته ومات سنة 1271 وخلف الشيخ احمد والشيخ حسن وهما من أهل العلم والفضل وسمعت ان قبره عند الشيخ خضر شلال آه. 108:
الشيخ محسن ابن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ موسى شرارة.
ولد في بنت جبيل في صفر سنة 1319 وتوفي ودفن فيها سنة 1365.
توجه والده الشيخ عبد الكريم شرارة إلى النجف الأشرف لطلب العلم فأبقاه في كنف جده الشيخ امين شرارة والد الشيخ موسى شرارة ثم رجع والده من العراق سنة 1330 وتوفي سنة 1332.
وانتقل الشيخ محسن إلى النجف الأشرف وكان لا يزال صغير السن ضعيف المعلومات فلم تمض عليه سنتان حتى بدأت تبرز فيه الناحية الأدبية وخلق حوله محيطا أدبيا من شباب العامليين والنجفيين كان هو البارز بينهم بالكتابة وعمق التفكير في حين كان الشبان متوجهين إلى الشعر أكثر من النثر.
وكذلك برزت فيه الناحية الشعرية ولكن بشكل يخالف ما كان عليه أدباء محيطه فكانت أشعاره تشتمل على المعاني الاجتماعية والحكمية والفلسفية مبتعدا عن النواحي التقليدية.
ولقد هاجم الطريقة القديمة هو واخوانه مرارا عديدة ونشأت على اثرها حرب شعرية بين الشباب والشيوخ.
ولعلنا إذا تعمقنا آثاره نجده أقرب إلى الأدباء الحكماء الذين اخذت الفلسفة جانبا من تفكيرهم، وله آثار قيمة في الشعر المنثور، ابتدأ خطابا له في الإمام علي ع بقطعة من هذا الشعر وألقاها في ذكرى وفاة الامام جاء فيها:
كنت إذ الاثنان في الغار، يفارقان الدار، في ظلام الأسحار في الفراش الطهور، كالنجم في الظهور، فدية النور للنور وكنت:
إذ الصحف على الأكف، ترمي السدف، عند النصف اسمى بطل، رأى المهل، عند الجدل، يغني العلل، لدى الاجل وقال يصور ما البلاد فيه من فوضى اجتماعية في صفحة من أوراقه:
ما هذه الزوابع الثائرة الهوجاء، تتراكم في غبارها المآسي، فيمتد ضباب الآثام، لقواعد الاحكام، بلادنا يباب، ماؤنا سراب، جونا ضباب، عصرنا كذاب، عيشنا عذاب، مع الذئاب، ولقد رأى طريقة التعليم في النجف سقيمة مرتبكة: لا نظام، ولا إدارة، ولا امتحان، ولا كتبا صالحة، فرأى أن عاقبة هذه الفوضى وخيمة فكتب مقالا عنوانه بين الفوضى والتعليم الصحيح نشر في مجلة العرفان الصيداوية فاهتزت له النجف وهاجت ولكن لم يطل الصباح فيها فقد قام بمناصرته كثيرون ممن يرون رأيه في هذا الموضوع مقدرين جرأته واخلاصه وقد وصف النجف في هذا المقال وصفا بليغا تعرض للبناء والهندسة وللحالة الصحية والأخلاقية ولطريقة التعليم وما يشوبها من فوضى، ودرس قضية معاش الطلبة.
الأمة خسرت جهاد الكثيرين لعدم تنظيم معاشهم وتعرض لفائدة النقد وقال إن الخوف من النقد أضر بالهيئة حتى بقيت محصورة في نطاق ضيق تخاف من التكفير والرمي بالعصرية وأشار لضرورة تعلم العلوم الاسلامية التي كان يتحلى بها السلف الصالح إلى غير ذلك. وفي النجف اتصل بالمعلمين اللبنانيين والسوريين وتعلم منهم اللغة الإنكليزية وترجم عنها واليها.
أساتذته درس علومه الاسلامية على جملة من أفاضل العامليين والنجفيين في جبل عامل والنجف وحضر أخيرا على جملة من كبار العلماء في النجف نذكر منهم الشيخ محمد علي الخراساني والسيد جمال الكلبايكاني والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ كاظم الشيرازي وحضر على السيد أبي الحسن الأصبهاني والميرزا حسين النائيني وغيرهم ودرس كتب الفلسفة وعلم الكلام على جملة من العلماء الإيرانيين المتعمقين في هذا الفن.
آثاره نجد بين أوراقه أبحاثا كثيرة في أصول الفقه والفقه لكنها لم تتم ككتاب كما أنه كان يكتب وهو في النجف مقالات نشرها في مجلة العرفان في الاخلاق وكتب في ذيلها: من كتابنا الاخلاق ولكنه لم يكمله، وكتاب دين الشيعة الذي ترجم منه قسما كبيرا عن الإنكليزية مع تعليقات له عليه وارجاع الأحاديث فيه إلى نصها الحقيقي. وبروز الناحية الأدبية فيه من نثر وشعر هو الجلي المتميز في آثاره فمعظم آثاره أدب ممتاز نشر بعضه في العرفان والهدى العمارية والفجر الصادق والهاتف النجفيتين وغيرها من المجلات والجرائد.
وعاد إلى بلده بنت جبيل جبل عامل فأقام عدة محاضرات دينية واجتماعية مشبعة بالروح العلمية والدرس الصحيح ووجه الشبان وجهة اصلاحية وأسهم إلى أبعد حد في معركة الحرية والاستقلال التي كانت تخوضها بلاده إلى أن وافاه الأجل في عنفوان نضوجه.
هذا عدا ما كان يقوم به من فصل الخصومات والمرافعات التي كانت تأتيه يوميا، ونشر المحبة والعدالة بين الناس.