معاوية ثم شد عليهم شدة أخرى فصرع الصفوف الأربعة وكانوا معقلين بالعمائم حتى انتهوا إلى الخامس الذي حول معاوية ودعا معاوية بفرس فركب وكان يقول أردت أن أنهزم فذكرت قول ابن الإطنابة من الأنصار كان جاهليا والإطنابة امرأة من بلقين أبت لي عفتي وحياء نفسي * واقدامى على البطل المشيح وإعطائي على المكروه مالي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح وقولي كلما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي فمنعني هذا القول من الفرار * قال أبو مخنف حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بن وهب أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى مواقفها ومصافها وكشفت من بإزائها من عدوها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم أقبل حتى انتهى إليهم فقال إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم يحوزكم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشأم وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين ولكن هون وجدى وشفى بعض أحاح نفس أنى رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحسونهم بالسيوف تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطردة فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله عز وجل باليقين ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله عز وجل عليه والذل اللازم والعار الباقي واعتصار الفئ من يده وفساد العيش عليه وأن الفار منه لا يزيد في عمره ولا يرضى ربه فموت المرء محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتأنيس لها والاقرار عليها * قال أبو مخنف حدثنا عبد السلام بن عبد الله ابن جابر الأحمسي أن راية بجيلة بصفين كانت في أحمس بن الغوث بن أنمار مع أبي شداد وهو قيس بن مكشوح بن هلال بن الحارث بن عمرو بن جابر بن علي ابن أسلم بن أحمس بن الغوث وقال له بجيلة خذ رايتا فقال غيري خير لكم منى
(١٧)