العسكر فقال الأشتر من هذا فقالوا يزيد بن قيس لما صرع زياد بن النضر رفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع فقال الأشتر هذا والله الصبر الجميل والفعل الكريم ألا يستحى الرجل أن ينصرف لا يقتل ولا يقتل أو يشفى به على القتل قال أبو مخنف حدثني أبو جناب الكلبي عن الحر بن الصياح النخعي أن الأشتر يومئذ كان يقاتل على فرس له في يده صفيحة يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا وإذا رفعها كاد يغشى البصر شعاعها وجعل يضرب بسيفه ويقول الغمرات ثم ينجلينا قال فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي والأشتر متقنع في الحديد فلم يعرفه فدنا منه فقال له جزاك الله خيرا منذ اليوم عن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين فعرفه الأشتر فقال ابن جمهان مثلك يتخلف عن مثل موطني هذا الذي أنا فيه فنظر إليه ابن جمهان فعرفه فكان من أعظم الرجال وأطوله وكان في لحيته حفها قليلا فقال جعلت فداك لا والله ما علمت بمكانك إلا الساعة ولا أفارقك حتى أموت قال ورآه منقذ وحمير ابنا قيس الناعطيان فقال منقذ لحمير ما في العرب مثل هذا إن كان من أرى من قتاله فقال له حمير وهل النية إلا ما تراه يصنع قال إني أخاف أن يكون يحاول ملكا * قال أبو مخنف حدثني فضيل بن خديج عن مولى للأشتر أنه لما اجتمع إليه عظم من كان انهزم عن اليمنة حرضهم ثم قال عضوا على النواجذ من الأضراس واستقبلوا القوم بهامكم وشدوا شدة قوم موتورين ثأرا بآبائهم وإخوانهم حناقا على عدوهم قد وطنوا على الموت أنفسهم كيلا يسبقوا بوتر ولا يلحقوا في الدنيا عارا وأيم الله ما وتر قوم قط بشئ أشد عليهم من أن يوتروا دينهم وإن هؤلاء القوم لا يقاتلونكم إلا عن دينكم ليميتوا السنة ويحيوا البدعة ويعيدوكم في ضلالة قد أخرجكم الله عز وجل منها بحسن البصيرة فطيبوا عباد الله أنفسا بدمائكم دون دينكم فإن ثوابكم على الله والله عنده جنات النعيم وإن الفرار من الزحف فيه السلب للعز والغلبة على الفئ وذل المحيا والممات وعار الدنيا والآخرة وحمل عليهم حتى كشفهم فألحقهم بصفوف معاوية بين صلاة العصر والمغرب
(١٥)