فقال الأشتر لعلي لا تبعثه فوالله إني لأظن هواه معه فقال علي دعه متى ننظر ما الذي يرجع به إلينا فبعثه إليه وكتب معه كتابا يعلمه فيه اجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته ونكث طلحة والزبير وما كان من حربه إياهما ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته فشخص إليه جرير فلما قدم عليه ماطله واستنظره ودعا عمرا فاستشاره فيما كتب به إليه فأشار عليه أن يرسل إلى وجوه الشأم ويلزم عليا دم عثمان ويقاتله بهم ففعل ذلك معاوية وكان أهل الشأم فيما كتب إلي السري يذكر إن شعيبا حدثه عن سيف عن محمد وطلحة لما قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان رضي الله عنه الذي قتل فيه مخضبا بدمه وبأصابع نائلة زوجته مقطوعة بالبراجم أصبعان منها وشئ من الكف وأصبعان مقطوعتان من أصولهما ونصف الابهام وضع معاوية القميص على المنبر وكتب بالخبر إلى الأجناد وثاب إليه الناس وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه وآلى الرجال من أهل الشأم ألا يأتوا النساء ولا يمسهم الماء للغسل إلا من احتلام ولا يناموا على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ومن عرض دونهم بشئ أو تفنى أرواحهم فمكثوا حول القميص سنة والقميص يوضع كل يوم على المنبر ويجلله أحيانا فيلبسه وعلق في أردانه أصابع نائلة رضي الله عنها فلما قدم جرير بن عبد الله على علي فيما حدثني عمر بن شبة قال حدثنا أبو الحسن عن عوانة فأخبره خبر معاوية واجتماع أهل الشأم معه على قتاله وانهم يبكون على عثمان ويقولون إن عليا قتله وآوى قتلته وإنهم لا ينتهون عنه حتى يقتلهم أو يقتلوه فقال الأشتر لعلي قد كنت نهيتك أن تبعث جريرا وأخبرتك بعداوته وغشه ولو كنت بعثتني كان خيرا من هذا الذي أقام عنده حتى لم يدع بابا يرجو فتحه إلا فتحه ولا بابا يخاف منه إلا أغلقه فقال جرير لو كنت ثم لقتلوك لقد ذكروا أنك من قتلة عثمان رضي الله عنه فقال الأشتر لو أتيتهم والله يا جرير لم يعيني جوابهم ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر ولو أطاعني فيك أمير المؤمنين لحبسك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه حتى تستقيم هذه الأمور فخرج جرير بن عبد الله إلى قرقيسياء وكتب إلى معاوية فكتب إليه يأمره بالقدوم عليه وخرج أمير المؤمنين
(٥٦١)