شاء الله فأحسن إلى المحسن واشتد على المريب وارفق بالعامة والخاصة فان الرفق يمن فقال له قيس بن سعد رحمك الله يا أمير المؤمنين فقد فهمت ما قلت أما قولك اخرج إليها بجند فوالله لئن لم أدخلها إلا بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبدا فأنا أدع ذلك الجند لك فان أنت احتجت إليهم كانوا منك قريبا وإن أردت أن تبعثهم إلى وجه من وجوهك كانوا عدة لك وأنا أصير إليها بنفسي وأهل بيتي وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فان الله عز وجل هو المستعان على ذلك قال فخرج قيس بن سعد في سبعة نفر من أصحابه حتى دخل مصر فصعد المنبر فجلس عليه وأمر بكتاب معه من أمير المؤمنين فقرئ على أهل مصر بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين سلام عليكم فانى أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فان الله عز وجل بحسن صنعه وتقديره وتدبيره اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به الرسل عليهم السلام إلى عباده وخص به من انتخب من خلقه فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم به من الفضيلة أن بعث إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فعلمهم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة لكيما يهتدوا وجمعهم لكيما لا يتفرقوا وزكاها لكيما يتطهروا ورفهم لكيما لا يجوروا فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله عز وجل صلوات الله عليه ورحمته وبركاته ثم إن المسلمين استخلفوا به أميرين صالحين عملا بالكتاب والسنة وأحسنا السيرة ولم يعدوا السنة ثم توفاهما الله عز وجل رضي الله عنهما ثم ولى بعدهما وال فأحدث أحداثا فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا ثم نقموا عليه فعيروا ثم جاؤني فبايعوني فأستهدي الله عز وجل بالهدى وأستعينه على التقوى ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والقيام عليكم بحقه والتنفيذ لسنته والنصح لكم بالغيب والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل وقد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة أميرا فوازروه وكاتفوه وأعينوه على الحق وقد أمرته بالاحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته أسأل الله عز وجل لنا ولكم عملا
(٥٥٠)