وخرج قيس فلحق بالمدينة فأخافه مروان والأسود بن أبي البختري حتى إذا خاف أن يؤخذ أو يقتل ركب راحلته فظهر إلى علي فبعث معاوية إلى مروان والأسود يتغيظ عليهما ويقول أمددتما عليا بقيس بن سعد ورأيه ومكانه فوالله لو أنكما أمددتماه بمائة ألف مقاتل ما كان دلك بأغيظ لي من إخراجكما قيس ابن سعد إلى علي فقدم قيس بن سعد على علي فلما أنبأه الحديث وجاءهم قتل محمد ابن أبي بكر عرف أن قيس بن سعد كان يقاسى أمورا عظاما من المكايدة وأن من كان يهزه على عزل قيس بن سعد لم ينصح له فأطاع علي قيس بن سعد في الامر كله (قال) هشام عن أبي مخنف قال حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن أبيه قال كنت مع محمد بن أبي بكر حين قدم مصر فلما قدم قرأ عليهم عهده بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد عبد الله علي أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر وأمره بتقوى الله في السر والعلانية وخوف الله عز وجل في الغيب والمشهد وباللين على المسلمين وبالغلظة على الفاجر وبالعدل على أهل الذمة وبإنصاف المظلوم وبالشدة على الظالم وبالعفو عن الناس وبالاحسان ما استطاع والله يجزي المحسنين ويعذب المجرمين وأمره أن يدعو من قبله إلى الطاعة والجماعة فإن لهم في ذلك من العاقبة وعظيم المثوبة ما لا يقدرون قدره ولا يعرفون كنهه وأمره أن يجبى خراج الأرض على ما كانت تجبى عليه من قبل لا ينتقص منه ولا يبتدع فيه ثم يقسمه بين أهله على ما كانوا يقسمون عليه من قبل وأن يلين لهم جناحه وأن يواسي بينهم في مجلسه ووجهه وليكن القريب والبعيد في الحق سواء وأمره أن يحكم بين الناس بالحق وأن يقوم بالقسط ولا يتبع الهوى ولا يخف في الله عز وجل لومة لائم فإن الله جل ثناؤه مع من اتقى وآثر طاعته وأمره على ما سواه وكتب عبد الله ابن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرة شهر رمضان قال ثم إن محمد بن أبي بكر قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال الحمد لله الذي هدانا وإياكم لما اختلف فيه من الحق وبصرنا وإياكم كثيرا مما عمى عنه الجاهلون ألا إن أمير المؤمنين ولانى أموركم وعهد إلى ما قد سمعتم وأوصاني بكثير منه مشافهة ولن آلوكم
(٥٥٦)