ثاروا في وجوهنا ينضحوننا بالنبل ورشقناهم والله بالنبل ساعة ثم أطعنا والله بالرماح طويلا ثم صرنا آخر ذلك نحن والقوم إلى السيوف فاجتلدنا بها ساعة ثم إن القوم أتاهم يزيد بن أسد العجلي ممدا في الخيل والرجال فأقبلوا نحونا فقلت في نفسي فأمير المؤمنين لا يبعث إلينا بمن يغنى عنا هؤلاء فذهبت فالتفت فإذا عدة القوم أو أكثر قد سرحهم إلينا ليغنوا عنا يزيد بن أسد وأصحابه عليهم شبث بن ربعي الرياحي فوالله ما ازداد القتال إلا شدة وخرج إلينا عمرو بن العاص من عسكر معاوية في جند كثير فأخذ يمد أبا الأعور ويزيد بن أسد وخرج الأشتر من قبل علي في جمع عظيم فلما رأى الأشتر عمرو بن العاص يمد أبا الأعور ويزيد بن أسد أمد الأشعث بن قيس وشبث بن ربعي فاشتد قتالنا وقتالهم فما أنسى قول عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي خلوا لنا ماء الفرات الجاري * أو أثبتوا لجحفل جرار لكل قرم مستميت شارى * مطاعن برمحه كرار ضراب هامات العدى مغوار قال أبو مخنف وحدثني رجل من آل خارجة بن التميمي أن ظبيان بن عمارة جعل يومئذ يقاتل وهو يقول هل لك يا ظبيان من بقاء * في ساكن الأرض بغير ماء لا وإله الأرض والسماء * فاضرب وجوه الغدر الأعداء بالسيف عند حمس الوغاء * حتى يجيبوك إلى السواء قال ظبيان فضربناهم والله حتى خلونا وإياه * قال أبو مخنف وحدثني أبي يحيى ابن سعيد عن عمه محمد بن محنف قال كنت مع أبي مخنف بن سليم يومئذ وأنا ابن سبع عشرة سنة ولست في عطاء فلما منع الناس الماء قال لي أبي لا تبرحن الرحل فلما رأيت المسلمين يذهبون نحو الماء لم أصبر فأخذت سيفي وخرجت مع الناس فقاتلت قال وإذا أنا بغلام مملوك لبعض أهل العراق ومعه قربة فلما رأى أهل الشأم قد أفرجوا عن الشريعة اشتد حتى ملا قربته ثم أقبل ويشتد عليه رجل من أهل الشأم فيضربه فيصرعه وسقطت القربة منه قال وأشد على الشامي فأضربه فأصرعه واشتد أصحابه فاستنقذوه فسمعتهم وهم يقولون لا نأمن من عليك ورجعت إلى المملوك فاحتملته فإذا هو يكلمني وبه جرح رغيب فما كان أسرع من أن جاءه مولاه فذهب
(٥٦٧)