أن يبدأ بعدي فدخل عليه وهو محبوس بالصنين فقال ادخل عليه فانظر ما يأمرك به فدخل الرسول على عدى فقال إني قد جئت بارسالك فما عندك قال عندي الذي تحب ووعده عدة وقال لا تخرجن من عندي وأعطني الكتاب حتى أرسل به فإنك والله إن خرجت من عندي لأقتلن فقال لا أستطيع إلا أن آتي الملك بالكتاب فأدخله عليه فانطلق مخبر حتى أتى النعمان فقال إن رسول كسرى قد دخل على عدى وهو ذاهب به وإن فعل لم يستبق منا أحدا أنت ولا غيرك فبعث إليه النعمان أعداءه فغموه حتى مات ثم دفنوه ودخل الرسول على النعمان بالكتاب فقال نعم وكرامة وبعث إليه بأربعة آلاف مثقال وجارية وقال له إذا أصبحت فادخل عليه فأخرجه أنت بنفسك فلما أصبح ركب فدخل السجن فقال له الحرس إنه قد مات منذ أيام فلم نجترئ على أن نخبر الملك للفرق منه وقد علمنا كراهته لموته فرجع إلى النعمان فقال إني قد دخلت عليه وهو حي فقال له النعمان يبعثك الملك إلى فتدخل إليه قبلي كذبت ولكنك أردت الرشوة والخبث فتهدده ثم زاده جائزة وأكرمه واستوثق منه أن لا يخبر كسرى إلا إنه قد مات قبل أن يقدم عليه فرجع الرسول إلى كسرى فقال إنه قد مات قبل أن أدخل عليه وندم النعمان على موت عدى واجترأ أعداء عدى على النعمان وهابهم النعمان هيبة شديدة فخرج النعمان في بعض صيده ذات يوم فلقى ابنا لعدى يقال له زيد فلما رآه عرف شبهه فقال من أنت قال أنا زيد بن عدي بن زيد فكلمه فإذا غلام ظريف ففرح به فرحا شديدا وقربه وأعطاه واعتذر إليه من أمر أبيه وجهزه ثم كتب إلى كسرى إن عديا كان ممن أعين به الملك في نصحه ولبه فأصابه ما لابد منه وانقضت مدته وانقطع أكله ولم يصب به أحد أشد من مصيبتي وأما الملك فلم يكن ليفقد رجلا إلا جعل الله له منه خلفا لما عظم الله له من ملكه وشأنه وقد أدرك له ابن ليس دونه وقد سرحته إلى الملك فان رأى الملك أن يجعله مكان أبيه فليفعل فلما قدم الغلام على كسرى جعله مكان أبيه وصرف عمه إلى عمل آخر فكان هو الذي يلي ما كتب به إلى أرض العرب وخاصة الملك وكانت له من العرب وظيفة موظفة في كل سنة مهران
(٦٠٥)