حليمة ركينة كريمة الحال تقتصر بنسب أبيها دون فصيلتها وبفصيلتها دون جماع قبيلتها قد أحكمتها الأمور في الأدب فرأيها رأى أهل الشرف وعملها عمل أهل الحاجة صناع الكفين قطيعة اللسان رهوة الصوت تزين البيت وتشين العدو إن أردتها اشتهت وإن تركها انتهت تحملق عيناها وتحمر وجنتاها وتذبذب شفتاها وتبادرك الوثبة فقبلها كسرى وأمر باثبات هذه الصفة في دواوينه فلم يزالوا يتوارثونها حتى أفضى ذلك إلى كسرى بن هرمز فقرأ عليه زيد هذه الصفة فشق عليه فقال لزيد والرسول يسمع أما في عين السواد وفارس ما تبلغون حاجتكم قال الرسول لزيد ما العين قال البقر فقال زيد للنعمان إنما أراد كرامتك ولو علم أن هذا يشق عليك لم يكتب إليك به فانزلهما يومين ثم كتب إلى كسرى أن الذي طلب الملك ليس عندي وقال لزيد أعذرني عنده فلما رجع إلى كسرى قال زيد للرسول الذي جاء معه أصدق الملك الذي سمعت منه فانى سأحدثه بحديثك ولا أخالفك فيه فلما دخلا على كسرى قال زيد هذا كتابه فقرأه عليه فقال كسرى فأين الذي كنت خبرتني قال قد كنت أخبرتك بضنهم بنسائهم على غيرهم وإن ذلك من شقائهم واختيارهم الجوع والعرى على الشبع والرياش واختيارهم السموم والرياح على طيب أرضك هذه حتى أنهم ليسمونها السجن فسل هذا الرسول معي عن الذي قال فانى أكرم الملك عن الذي قال ورد عليه أن أقوله فقال للرسول وما قال قال قال أيها الملك أما في بقر السواد ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا فعرف الغضب في وجهه ووقع في قلبه منه ما وقع ولكنه قد قال رب عبد قد أراد ما هو أشد من هذا فيصير أمره إلى التباب وشاع هذا الكلام فبلغ النعمان وسكت كسرى على ذلك أشهرا وجعل النعمان يستعد ويتوقع حتى أتاه كتابه أن أقبل فان للملك إليك حاجة فانطلق حين أتاه كتابه فحمل سلاحه وما قوى عليه ثم لحق بجبلي طيئ وكانت فرعة ابنة سعد بن حارثة ابن لام عنده وقد ولدت له رجلا وامرأة وكانت أيضا عنده زينب ابنة أوس ابن حارثة فأراد النعمان طيئا على أن يدخلوه ويمنعوه فأبوا ذلك عليه وقالوا
(٦٠٧)