الاخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن ذكرناها عنه أن الله عز وجل خلق السماوات والأرض قبل خلقه الزمان والأيام والليالي وقبل الشمس والقمر والله أعلم القول في الإبانة عن فناء الزمان والليل والنهار وأن لا شئ يبقى غير الله تعالى ذكره والدلالة على صحة ذلك قول الله تعالى ذكره (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) وقوله تعالى (لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه) فإن كان كل شئ هالك غير وجهه كما قال عز وجل وكان الليل والنهار ظلمة أو نورا خلقهما لمصالح خلقه فلا شك أنهما فانيان هالكان كما أخبر جل ثناؤه وكما قال عز وجل (إذ الشمس كورت) يعنى بذلك أنها عميت فذهب ضوؤها وذلك عند قيام الساعة وهذا ما لا يحتاج إلى الاكثار فيه إذ كان مما يدين بالاقرار به جميع أهل التوحيد من أهل الاسلام وأهل التوراة والإنجيل والمجوس وإنما ينكره قوم من غير أهل التوحيد لم نقصد بهذا الكتاب قصد الإبانة عن خطا قولهم وكل الذي ذكرنا عنهم أنهم مقرون بفناء جميع العالم حتى لا يبقى غير القديم الواحد مقرون بأن الله عز وجل محييهم بعد فنائهم وباعثهم بعد هلاكهم خلا قوم من عبد ة الأوثان فإنهم يقرون بالفناء وينكرون البعث.
القول في الدلالة على أن الله عز وجل القديم الأول قبل كل شئ وأنه هو المحدث كل شئ بقدرته تعالى ذكره فمن الدلالة على ذلك أن لا شئ في العالم مشاهد إلا جسم أو قائم بجسم وأنه لا جسم الا مفترق أو مجتمع وأنه لا مفترق منه إلا وهو موهوم فيه الائتلاف إلى غيره من اشكاله ولا مجتمع منه الا وهو موهوم فيه الافتراق وأنه متى عدم أحدهما عدم الآخر معه وأنه إذا اجتمع الجزآن منه بعد الافتراق فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد أن لم يكن وأن الافتراق إذا حدث فيهما بعد الاجتماع