وقلت من قتالهم حيلتنا وانقطع فيما بيننا وبينهم رجاؤنا فسمع بذلك أهل القرية فشقوا ثيابهم وذروا التراب على رؤسهم وعجوا بالعويل في أزقتهم وأسواقهم وجعل بعضهم يودع بعضا ثم ساروا حي أتوا الملك فقالوا نحن خارجون بأجمعنا إلى هؤلاء القوم فدافعون إليهم أيدينا لعلهم أن يرحمونا فيقرونا في بلادنا قال لهم أسا الملك معاذ الله أن نلقى بأيدينا في أيدي الكفرة وأن نخلى بيت الله وكتابه للفجرة قالوا فاحتل لنا حيلة واطلب إلى صديقك وربك الذي كنت تعدنا بنصره وتدعونا إلى الايمان به فإن هو كشف عنا هذا البلاء وإلا وضعنا أيدينا في أيدي عدونا لعلنا نتخلص بذلك من القتل قال لهم أسا ان ربى لا يطاق الا بالتضرع والتبتل والاستكانة قالوا فأبرز له لعله أن يجيبك فيرحم ضعفنا فإن الصديق لا يسلم صديقه على مثل هذا فدخل أسا المصلى ووضع تاجه من رأسه وحل ثيابه ولبس المسوح وافترش الرماد ثم مد يده يدعو ربه بقلب حزين وتضرع كثير ودموع سجال وهو يقول اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط أنت المتخفي من خلقك حيث شئت لا يدرك قرارك ولا يطاق كنه عظمتك أنت اليقظان الذي لا تنام والجديد الذي لا تبيك الليالي والأيام أسألك بالمسألة التي سألك بها إبراهيم خليلك فأطفأت بها عنه النار وألحقته بها بالابرار وبالدعاء الذي دعاك به نجيك موسى فأنجيت بني إسرائيل من الظلمة وأعتقتهم به من العبودية وسيرتهم في البر والبحر وغرقت فرعون ومن اتبعه وبالتضرع الذي تضرع إليك عبد ك داود فرفعته ووهبت له من بعد الضعف القوة ونصرته على جالوت الجبار وهزمته وبالمسألة التي سألك بها سليمان نبيك فمنحته الحكمة ووهبت له الرفعة وملكته على كل دابة أنت محيى الموتى ومفنى الدنيا وتبقى وحدك خالدا لا تفنى وجديدا لا تبلى أسألك يا إلهي ان ترحمني بإجابة دعوتي فانى أعرج مسكين من أضعف عبادك وأقلهم حيله وقد حل بنا كرب عظيم وحزن شديد لا يطيق كشفه غيرك ولا حول ولا قوة لنا إلا بك فارحم ضعفنا بما شئت فإنك ترحم من تشاء بما تشاء * وجعل علماء بني إسرائيل
(٣٧٤)