دينهن حتى أنفقوا بضاعتهم واشتروا بها حاجتهم واستوعبوا خبر مدينتهم وحصونهم وعدد مياههم وكانوا قد كتموا رؤس بضاعتهم ومحاسنها من اللؤلؤ والمرجان والياقوت هدية للملك وجعل الامناء يسألون من رأوا من أهل القرية عن خبر الملك وشأنه إذ لم يشتر منهم شيئا وقالوا ما شأن الملك لا يشترى منا شيئا إن كان غنيا فان عندنا من ظرائف البضاعات فنعطيه ما شاء مما لم يدخل مثله في خزائنه وإن كان محتاجا فما يمنعه أن يشهدنا فنعطيه ما شاء بغير ثمن قال لهم من حضرهم من أهل القرية إن له من الغناء والخزائن وفنون المتاع ما لم يقدر على مثله أنه استفرغ الخزائن التي كان موسى سار بها من مصر والحلى الذي كان بنو إسرائيل أخذوا وما جمع يوشع بن نون خليفة موسى وما جمع سليمان رأس الحكماء والملوك من الغناء الكثير والآنية التي لا يقدر على مثلها قال الامناء فما قتاله وبأي شئ عظمته وما جنوده أرأيتم لو أن ملكا انحرف عليه ففتق ملكه ما كان إذا قتاله إياه وما عدته وعدد جنوده أم بأي الخيل والفرسان غلبته أو من أجل كثرة جمعه وخزائنه وقعت في قلوب الرجال هيبته فأجابهم القوم وقالوا إن أسا الملك قليلة عدته ضعيفة قوته غير أن له صديقا لو دعاه واستعان به على أن يزيل الجبال أزالها فإذ كان معه صديقه فليس شئ من الخلق يطيقه قال لهم الامناء ومن صديق أساوكم عدد جنوده وكيف مواجهته وقتاله وكم عدد عساكره ومراكبه وأين قراره ومسكنه فأجابهم القوم أما مسكنه ففوق السماوات العلا مستو على عرشه لا يحصى عدد جنوده وكل شئ من الخلق له عبد لو أمر البحر لطم على البر ولو أمر الأنهار لغارت في عنصرها لا يرى ولا يعرف قراره وهو صديق أسا وناصره فجعل الامناء يكتبون كل شئ أخبروا به من أمر أسا وقضية أمره فدخل بعض هؤلاء الامناء عليه فقالوا يا أيها الملك إن معنا هدية نريد أن نديها لك من ظرائف بلادنا أو تشترى منا فنرخصه عليك قال لهم ائتوني بذلك حتى أنظر إليه فلما أتوه به قال لهم هل يبقى هذا لأهله ويبقون له قالوا بل يفنى هذا ويفنون أهله قال لهم أسا لا حاجة لي فيه إنما طلبتي ما تبقى بهجته لأهله لا تزول ولا يزولون
(٣٧١)