فيها يناصبك هم دافعون أيديهم إليك بغير قتال بأموالهم وأنفسهم مسالمة قال لهم زرج لعمري ما كنت لأجيبكم إلى ما دعوتموني إليه ولا أستجيب إلى مقاتلة قوم لعلهم أطوع لي منكم حتى أبعث إليهم من قومي أمناء فان وقع الامر على ما تكلمتم به قدامي نفعكم ذلك عندي وجعلتكم عليها ملوكا وإن كان كلامكم كذبا فانى منزل بكم العقوبة التي تنبغي لمن كذبني قال القوم تكلمت بالعدل وحكمت بالقسط ونحن به راضون فأمر عند ذلك بالأرزاق فأجريت عليهم واختار من قومه أمناء ليبعثهم جواسيس فأوصاهم بوصيته وخوفهم وحذرهم بطشه إن هم كذبوه ووعدهم المعروف إن هم صدقوه وقال لهم زرج إني مرسلكم لأمانتكم وشحكم على دينكم وحسن رأيكم في قومكم لتطالعوا لي أرضا من أرضى وتبحثوا إلى عن شأنها وتعلموني علم أهلها وملكها وجنودها وعددها وعدد مياهها وفجاجها وطرقها ومداخلها ومخارجها وسهولتها وصعوبتها حتى كأني شاهد ذلك وعالمه وحاضر ذلك وخابره وخذوا معكم من الخزائن من الياقوت والمرجان والكسوة ما يفرغون إليه إذا رأوه ويشترون منكم إذا نظروا إليه فأمكنهم من خزائنه حتى أخذوا منها فجهزهم لبرهم وبحرهم ووصف لهم القوم الذين أتوهم الطرق ودلوهم على مقاصدها فساروا كالتجار حتى نزلوا ساحل البحر ثم ركبوا منه حتى أرسوا على ساحل إيليا ثم ساروا حتى دخلوها فحلوا أثقالهم فيها وأظهروا أمتعتهم وبضاعتهم ودعوا الناس إلى أن يشتروا منهم فلم يفرغوا لبضاعتهم وكسدت تجارتهم فجعلوا يعطون بالشئ القليل الشئ الكثير لكيلا يخرجوهم من قريتهم حتى يعلموا أخبارهم ويحقوا شأنهم ويستخرجوا ما أمرهم به ملكهم من أخبارهم وكان أسا الملك قد تقدم إلى نساء بني إسرائيل أن لا يقدر على امرأة لا زوج لا بهيئة امرأة لها زوج إلا قتلها أو نفاها من بلاده إلى جزائر البحار فان إبليس لم يدخل على أهل الدين في دينهم بمكيدة هي أشد من النساء فكانت المرأة التي لا زوج لها لا تخرج إلى منتقبة في رثة الثياب لئلا تعرف فلما بذل هؤلاء الامناء بضاعتهم ما ثمنه مائة درهم بدرهم جعل نساء بني إسرائيل يشترين خفية بالليل سرا لا يعلم بهن أحد من أهل
(٣٧٠)