بني إسرائيل وكان يعبد الأصنام حتى توفى ثم ملك ابنه أسا من بعده فلما ملكهم بعث فيهم مناديا ينادى ألا إن الكفر قد مات وأهله وعاش الايمان وأهله وانتكست الأصنام وعبادتها وظهرت طاعة الله وأعمالها فليس كافر من بني إسرائيل يطلع رأسه بعد اليوم بكفر في ولايتي ودهري الا أنى قاتله فان الطوفان لم يغرق الدنيا وأهلها ولم يخسف بالقرى ولم تمطر الحجارة والنار من السماء إلا بترك طاعة الله واظهار معصيته فمن أجل ذلك ينبغي لنا أن لا نقر لله معصية يعمل بها ولا نترك طاعة لله الا أظهرناها جهدنا حتى نطهر الأرض من نجسها وننقيها من دنسها ونجاهد من خالفنا في ذلك بالحرب والنفي من بلادنا فلما سمع ذلك قوم ضجوا وكرهوا فأتوا أم أسا الملك فشكوا إليها فعل ابنها بهم وبآلهتهم ودعاءه إياهم إلى مفارقة دينهم والدخول في عبادة ربهم فتحملت لهم أمه أن تكلمه وتصرفه إلى عبادة أصنام والده فبينا الملك قاعد وعنده أشراف قومه ورؤسهم وذوو طاعتهم إذ أقبلت أم الملك فقام لها الملك من مجلسه وأمرها أن تجلس فيه معرفة بحقها وتوقيرا لها فأبت عليه وقالت لست ابني إن لم تجبني إلى ما أدعوك إليه وتضع طاعتك في يدي حتى تفعل ما آمرك به وتجيبني إلى أمر إن أطعتني فيه رشدت وأخذت بحظك وان عصيتني فحظك بخست ونفسك ظلمت إنه بلغني يا بنى انك بدأت قومك بالعظيم دعوتهم إلى مخالفة دينهم والكفر بآلهتهم والتحويل عما كان عليه آباؤهم وأحدثت فيهم سنة وأظهرت فيهم بدعة أردت بذلك فيما زعمت تعظيما لو قارك ومعرفة بمكانك وتشديدا لسلطانك وفى التقصير يا بنى دخلت وبالشين أخذت ودعوت جميع الناس إلى حربك وانتدبت لقتالهم وحدك أردت بذلك أن تعيد الأحرار لك عبيدا والضعيف لك شديدا سفهت بذلك رأى العلماء وخالفت الحكماء واتبعت رأى السفهاء ولعمري ما حملك على ذلك يا بنى إلا كثرة طيشك وحداثة سنك وقلة علمك فان أنت رددت على كلامي ولم تعرف حقي فلست من نسل والدك ولا ينبغي الملك لمثلك يا بنى بأي شئ تدل على قومك لعلك أوتيت من الحروف مثل ما أوتى موسى إلى فرعون إن غرقه وأنجى قومه من الظلمة أو لعلك أوتيت
(٣٦٨)