سنة خمس وستين، ولف الحجر الأسود في حرير وجعله في تابوت وختم عليه، واستودعه الحجبة مع جميع ما كان معلقا في الكعبة من ذهب وجوهر، ولما بناها أدخل الحجر في البيت.
فلما قتل ابن الزبير نقضها الحجاج، وأعاد بناءها على ما كان، فهي على ذلك إلى اليوم.
(الدعوة إلى العلويين) قالوا: وإن المختار (1) بن أبي عبيد الثقفي جعل يختلف بالكوفة إلى شيعة بني هاشم، ويختلفون إليه، فيدعوهم إلى الخروج معه والطلب بدم الحسين، فاستجاب له بشر كثير، وكان أكثر من استجاب له همدان، وقوم كثير من أبناء العجم الذين كانوا بالكوفة، ففرض لهم معاوية - وكانوا يسمون الحمراء - وكان منهم بالكوفة زهاء عشرين ألف رجل.
وكان على الكوفة يومئذ من قبل عبد الله بن الزبير عبد الله بن مطيع، فأرسل ابن مطيع إلى المختار: ما هذه الجماعات التي تغدو وتروح إليك؟
فقال المختار: مريض، يعاد.
فلم يزل كذلك حتى قال له نصحاؤه: عليك بإبراهيم بن الأشتر، فاستمله إليك، فإنه متى شايعك على أمر ظفرت به، وقضيت حاجتك.
فأرسل المختار إلى جماعة من أصحابه، فدخلوا عليه، وبيده صحيفة مختومة بالرصاص.
فقال الشعبي: وكنت فيمن دخل عليه، فرأيت الرصاص أبيض يلوح، فظننت أنه إنما ختم من الليل، فقال لنا: انطلقوا بنا حتى نأتي إبراهيم ابن الأشتر.