فلما سمع قطري ذلك بكى، ووطن نفسه على الموت، وباشر الحرب بنفسه، وهو يرتجز:
حتى متى تخطئني الشهادة * والموت في أعناقنا قلادة ليس الفرار في الوغى بعادة * يا رب زدني في التقى عبادة وفي الحياة بعدها زهادة فاقتتلوا يومهم حتى حال بينهم الليل.
ومضى قطري في أصحابه نحو (جيرفت) (1)، وهم بالهرب إلى كرمان، فقال رجل من أصحابه:
أيا قطري الخير إن كنت هاربا * ستلبسنا عارا وأنت مهاجر إذا قيل قد جاء المهلب أسلمت * له شفتاك الفم، والقلب طائر فحتى متى هذا الفرار مخافة * وأنت ولي، والمهلب كافر ولما رأت الخوارج نكول قطري عن الحرب، وما هم به من الفرار خلعوه عنهم، وولوا عبد ربه وكان من نساكهم، فسار بهم إلى قومس (2)، فأقام بها.
(المهلب والحجاج) وإن الحجاج كتب إلى المهلب:
(أما بعد، فقد طاولت القوم وطاولوك، حتى ضروا بك ومرنوا على حربك، ولعمري لو لم تطاولهم لا نحسم الداء وانفصم القرن، وما أنت والقوم سواء، إن