فدونك قوما ليس لله فيهم * ولا لهم منه حجاب ولا ستر فقال الملك: كم بيننا وبينهم؟، قال: ثلاث. فقال من حضره: كذب، أيها الملك، بينك وبين القوم عشرون ليلة، فأمر جنوده بالمسير نحو اليمامة، ففي مسيرهم، وقصة الزرقاء (1) يقول الأعشى بعد ذلك بدهر طويل:
قالت أرى رجلا في كفه كتف * أو يخصف النعل، لهفي أية صنعا فكذبوها بما قالت، فصبحهم * ذو آل جيشان، يزجي الموت والشرعا فاستنزلوا أهل جو من مساكنهم * وهدموا مشرف البنيان، فاتضعا فأم جديسا، واستأصلهم، ثم رحل نحو العراق يريد كيخسرو، وزحف إليه كيخسرو، فالتقوا، فقتل ذو جيشان، وانفضت جموعه.
(ملك الفند ذي الأذعار) فملكت اليمن ابنه الفند ذا الأذعار، وإنما لقب ذا الأذعار لرعب الناس منه، فلم تكن له همة إلا الطلب بثأر أبيه . هجره ربيعة إلى اليمامة البحرين قال: وبقيت اليمامة والبحرين بعد قتل جديس ليس بها أحد إلى أن كثرت ربيعة، وانتشرت، وتفرقت في البلاد، فسارت عترة (2) بن أسد بن ربيعة، تتبع مواقع الغيث، وتقدمها عبد العزى بن عمرو العنزي حتى هجم على اليمامة، فرأى بلادا واسعة، ونخلا وقصورا، وإذا هو بشيخ قاعد تحت نخلة سحوق، (3) يرتجز، ويقول: تقاصري، أجن جناك قاعدا إني أرى حملك ينمي (4) صاعدا