وخذلان شيعته، فعلمت أنه مقتول ولا أقدر على نصره، فلست أحب أن يراني ولا أراه).
فانتعل الحسين حتى مشى، ودخل عليه قبته، ودعاه إلى نصرته.
فقال عبيد الله: (والله إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة، ولكن ما عسى أن أغنى عنك، ولم أخلف لك بالكوفة ناصرا، فأنشدك الله أن تحملني علي هذه الخطة، فإن نفسي لم تسمح بعد بالموت، ولكن فرسي هذه الملحقة، والله ما طلبت عليها شيئا قط إلا لحقته، و لا طلبني وأنا عليها أحد قط إلا سبقته، فخذها، فهي لك). قال الحسين: (أما إذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا إلى فرسك).
(نهاية الحسين) وسار الحسين عليه السلام من قصر بني مقاتل، ومعه الحر بن يزيد، كلما أراد أن يميل نحو البادية منعه، حتى انتهى إلى المكان الذي يسمى (كربلاء) (1) فمال قليلا متيامنا حتى انتهى إلى (نينوى) (2)، فإذا هو براكب على نجيب، مقبل من القوم، فوقفوا جميعا ينتظرونه.
فلما انتهى إليهم سلم على الحر، ولم يسلم على الحسين.
ثم ناول الحر كتابا من عبيد الله بن زياد، فقرأه، فإذا فيه:
(أما بعد، فجعجع (3) بالحسين بن علي وأصحابه بالمكان الذي يوافيك كتابي، ولا تحله إلا بالعراء على غير خمر (4) ولا ماء، وقد أمرت حامل كتابي هذا أن يخبرني بما كان منك في ذلك، والسلام.