وقتل من الملوك الأربعة ثلاثة، وأسر الرابع، فلم يزل مأسورا عند فهر بن مالك حتى مات. وأما أبضعة، فهي التي يقال لها (العنقفير)، ملكت بعد إخوتها بأخبث سيرة، كانت تتخير الرجال على عينها، فمن أعجبها دعته إلى نفسها، فوقع بها، لا يقدر أحد أن ينكر عليها، وإنها أبصرت فتى من قيس، فأعجبها، فدعته إلى نفسها، فوقع بها، فألقحها غلامين في بطن، فسمت أحدهما سهلا، والآخر عوفا، وفي ذلك يقول شاعر من شعراء قيس:
وذي تومة في أذنة وضفيرة وسيم جميل لا يخيل مخايله إذا ما رأته قيلة حميرية تجر له حبل الشموس تهازله قالوا: وكان ذو الشنائر ملك عنس ويحاير (1)، وكان عظيم الملك، كثير الجنود، وكان ملكه على عمان، والبحرين، واليمامة، وسواحل البحر.
(ملك أردوان بن أشه) قالوا: ولم يكن في ملوك الطوائف الذين كانوا بأرض العجم ملك أعظم ملكا، ولا أكثر جنودا من أردوان بن أشه بن أشغان ملك الجبل، كان إليه الماهان وهمذان، وماسيذان، ومهر جانقذق، وحلوان، (2) وسائر الملوك إنما كان يكون إلى الرجل منهم كورة واحدة وبلد واحد. وكان الملك منهم إذا مات قام بالملك بعده ابنه أو حميمه، وكان جميع ملوك الطوائف يقرون لأردوان ملك الجبل بفضله، لاختصاص الإسكندر إياه دونهم بفضل الملك، وكان مسكنه بمدينة نهاوند (3) العتيقة.
قالوا: وفي ذلك العصر بعث المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.