(حرب أبرويز مع الروم) قالوا: ثم إن ابن قيصر ملك الروم قدم على كسرى أبرويز، فأخبره بأن بطارقة الروم وعظماءها وثبوا على أبيه قيصر وأخيه ثيادوس بن قيصر، فقتلوهما جميعا، وملكوا عليهم رجلا من قومهم، يسمى كوكسان، وذكره بلاء أبيه وأخيه عنده، فغضب أبرويز له، ووجه معه ثلاثة قواد: أحدهم شاهين في أربعة وعشرين ألف رجل، فوغل في أرض الروم، وبث فيها الغارات حتى انتهى إلى خليج القسطنطينية، فعسكر هناك، والقائد الآخر (بوبوذ) فسار نحو أرض مصر، فأغار، وعاث، وأفسد حتى انتهى إلى الإسكندرية، فافتتحها عنوة، وسار إلى البيعة العظمى التي بالإسكندرية، فأخذ أسقفها، فعذبه، حتى دله على الخشبة التي تزعم النصارى أن المسيح صلب عليها، وكانت مدفونة في موضع قد زرع فوقها الرياحين، والقائد الثالث (شهريار) فسار حتى أتى الشام، فقتل أهلها قتلا ذريعا، حتى أخذها كلها عنوة.
فلما رأى عظماء الروم ما حل بهم من كسرى اجتمعوا، فقتلوا الرجل الذي كانوا ملكوه، وقالوا (إن مثل هذا لا يصلح للملك) وملكوا عليهم ابن عم لقيصر المقتول يسمى هرقل، وهو الذي بنى مدينة هرقلة (2)، فكانت هذه الغلبة التي ذكرها الله تعالى في كتابه (3):
وأن هرقل الذي ملكته الروم استجاش أهل مملكته، وسار إلى القائد الذي كان معسكرا على الخليج، فحاربه حتى أخرجه من أرض الروم، ثم صمد للذي كان بأرض مصر، فطرده عنها، ثم عطف على شهريار، فأخرجه عن الشام، فوافت